ذلك قال في المقالة : بل اللفظ أيضا حاك عن إيقاع هذه النسب ، وحينئذ فلا يحسن قوله في حكاية ما عن الحاشية كون بعض الحروف موجدة للنسب ، فتأمل. وفسّر النسبة مقرره بأنها عبارة عن التمني الواقع بين المتمني والمتمنى أعني بها تشوق المتمني ، إلخ ، فكأنه يدعي كونها للنسب بواسطة أنّ مفادها هو وقوع التمني وهو نسبة بين المتمني والمتمنى ، ولم أتوفق للوجه في كونه نسبة إلاّ كالوجه في كون الضرب نسبة بين الضارب والمضروب ، أو كون الاعطاء نسبة بين المعطي والمعطى ، وهكذا الحال في كل فعل متعدّ إلى مفعول به فانّه يكون نسبة بين الفاعل والمفعول به ، وإلاّ فأيّ معنى للبرهان على أنّ مفاد ليت هو النسبة بأنّ نفس التمني نسبة بين المتمني والمتمنى ، فلاحظ.
وكيف كان ، فالتمني صفة قائمة بنفس المتمني ، لكن ليس تلك الصفة هي مفاد ليت باعتبار كونها إبرازا لها كما يدّعي ذلك في باقي الانشائيات في كونها إبرازا لما هو في النفس ، والاّ لعاد الانشاء إخبارا عما في النفس.
نعم ، إن تلك الصفة القائمة بالنفس تكون داعية لايجاد التمني وإيقاعه على نسبة الحضور الى زيد في قولك : ليت زيدا حاضر ، فانّ « ليت » قد وضعت لهذه الجهة أعني إيجاد التمني وايقاعه على النسبة بين المحمول والمحمول عليه ، وليست هي موضوعة للتمني في مقام إيجاده وايقاعه على النسبة ، وإلاّ لكانت اسما لا حرفا كما شرحناه في مفاد أسماء الاشارة ونحوها من الأدوات المدعى كونها أسماء متضمّنة لمعاني الحروف. هذا كله فيما يعود الى تفصيل صاحب الحاشية في الجزء الثاني من تفصيله أعني دعوى الايجاد في بعض المعاني الحرفية في قبال مسلك