بتحقّق المحكي عنه واقعا. هذا مضافا إلى أنّ مثل قولنا : الإنسان ممكن إذا لم يكن متضمّنا للنسبة فأيّ شيء يتضمّنه الكلام المذكور ، حتى لو قلنا إنّ مفاد الهيئة هو التقييد للمعاني الاسمية.
قوله : نعم ، إنّ الجملة الاسميّة توجب الانتقال إلى ثبوت المحمول للموضوع بنحو التصوّر ، لكنّه لا يستفاد من الهيئة ؛ فإنّ الجملة تصديقيّة لا تصوّريّة (١).
إنّ كون الهيئة موجبة لتصوّر النسبة هو مراد القائلين بكونها حاكية عنها ؛ فانّ القضيّة التصوريّة مؤلفة عندهم من تصوّر الموضوع وتصوّر المحمول وتصوّر النسبة ، والدّال على الموضوع هو لفظه ، والدّال على المحمول هو ، والدال على النسبة هو مفاد الهيئة ، حتى قيل : والدال على النسبة رابطة وقد استعير لها لفظة هو ، وإنّما قيل وقد استعير لها « هو » غفلة عن عدم الاحتياج إلى لفظة « هو » وكفاية الهيئة في الدلالة على النسبة. هذا مقام التصوّر ، وأمّا التصديق فهو الإذعان بتلك النسبة ، على كلام لهم في تأليف القضية من ثلاثة أجزاء : الموضوع والمحمول والنسبة ، أو هي مع رابع وهو الحكم المعبّر عنه بالوقوع واللاّوقوع. وينبغي على الأقل مراجعة حاشية المنطق.
قوله : فالصحيح أنّ مدلول الهيئة في الجمل الاسميّة إنّما هو إبراز قصد الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع ، أو نفيه عنه ... إلخ (٢).
سلّمنا أنّ حاصل الهيئة هو إبراز ما في النفس من قصد الحكاية ، إلاّ أنّه ما لم تكن الهيئة موجدة للنسبة التي هي عبارة عن ثبوت المحمول للموضوع ، أو تكن حاكية عنها كحكاية لفظ الموضوع عن ذاته ، كيف
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٣٥.
(٢) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٣٥ ـ ٣٦.