المبدأ ، وفي المضارع هو تلبّس الذات بالمبدإ ، وأما إثبات قصد المتكلّم لذلك المعنى فليس براجع إلى هذه المرحلة ، بل هو راجع إلى إثبات قصد المتكلّم ، وهو مرحلة الدلالة التصديقية ، وهي بعد الفراغ عن الدلالة التصورية. ثم تطرق إلى الإنشائيات وجعل مركز الانشاء هو ما في النفس بعد إبرازه بالألفاظ ، فلازمه أنّ كل ما يكون مظهرا لأن المتكلّم قد أوقع البيع في نفسه يكون بيعا ، ولازمه أن لو قال : إنّي قد أوقعت البيع في نفسي كان بيعا وهلمّ جرّا.
قوله : مع أنّه لو كان الأمر كذلك لصحّ استعمال الجملة الاسميّة في مقام الطلب كالجملة الفعليّة مع أنّه لا يصحّ قطعا ... إلخ (١).
الظاهر أنّه يصحّ ذلك بمثل قولك لعبدك أنت مأمور بكذا ، ونظيره في الانشاءات في غير الطلب قولك أنت حر وهند طالق وأنا مستفهم ومتمن ومترج ، ونحو ذلك من الجمل الاسميّة في مقام الإنشاء.
أمّا استعمال المضارع في مقام طلب مادته فكثير ، لكنّه محتاج إلى نحو من العناية ، كما لعلّه يمكن استعمال الجملة الاسميّة في مقام طلب مادّة المحمول بذلك النحو من العناية كقولك في الدعاء في مقام طلب الغفران والرحمة : أنت الغفور الرحيم ، ولعلّ من هذا القبيل قول الشاعر :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي |
على معنى تبكيت المخاطب بأمره بالأكل واللباس.
وكيف كان ، فإنّ هذا الذي نقله عنهم بقوله : فما هو المعروف من كون المستعمل فيه فيهما واحدا وإنّما يفترقان من ناحية الدواعي للاستعمال
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٣٧.