ذلك هو محل الكلام في أنه لو طرأ هل يوجب سقوط الكفارة ، دون ما لا يكون مسقطا للصوم الذي هو السفر بعد الزوال.
ولم أعثر على من استشكل في دلالة الرواية من هذه الجهة إلاّ المرحوم الحاج الشيخ عبد الله المامقاني قدسسره في حواشيه (١) على ما كتبه والده قدسسره في الصوم. ولم أعثر لهذا الاشكال على إشارة من أحد الاصحاب أو تلويح إليه ، ولعلهم فهموا منها أن قصد الفرار بالسفر لا يكون رافعا للكفارة. وحاصله : أن الرواية تعطي المقابلة بين السفر والهبة وبين الزكاة ووجوب الكفارة ، فان كانت الهبة قبل أوان وجوب الزكاة والسفر قبل أوان وجوب الكفارة فلا شيء عليه ، وإن كان السفر بعد أن وجبت عليه الكفارة وكانت الهبة بعد أن وجبت عليه الزكاة لم يكن ذلك مسقطا لهما.
والحاصل : أنه يستفاد من مجموع الرواية أن المدار في وجوب الكفارة على عدم كون موجب الكفارة قبل السفر ، سواء كان السفر قبل الزوال أو بعده. ولا يخفى أن استفادة هذا الاطلاق من الرواية مع تصريحها بأن السفر في آخر النهار يحتاج إلى فقاهة قوية يقصر عنها ذهني القاصر ، فان المقابل للهبة في الرواية إنما هو السفر في آخر النهار ، وهو الذي يكون بعد تحقق الكفارة لأنه واقع بعد أن تم وجوب الصوم عليه في تمام النهار ، فلا يكون وقوعه رافعا للكفارة. ولا تعرض للرواية للسفر قبل الزوال ، بل قد يقال إن تقييد السفر المحكوم عليه بأنه لا يسقط الكفارة بكونه في آخر النهار لا يخلو عن إشعار أو دلالة على أنه لو كان قبل الزوال لم يكن محكوما عليه بأنه لا يسقط الكفارة ، بل كان محكوما عليه بأنه مسقط لها
__________________
(١) منتهى مقاصد الأنام في شرح شرائع الإسلام : ٤٨٦ / تعليقة رقم ٣٧.