المقدمات فيه بل لزوم تحصيلها ، أما الثاني فواضح ، لأن المفروض تحقق وجوب ذي المقدمة. وأما الأول فلما عرفت من أن المسلّم من جريان قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا هو ما إذا تحقق الوجوب ، وقد تحقق في هذا القسم الرابع.
ولكن يمكن أن يقال : إن ذلك أعني لزوم حفظ القدرة في زمان الواجب إنما يلتزم به فيما لو كانت القدرة شرطا عقليا ، أما لو كانت شرطا شرعيا فلا مانع من تفويتها ولو في زمان الواجب ، لأنه من قبيل تبديل الموضوع وإخراج نفسه من موضوع إلى آخر ، كما في السفر في نهار رمضان قبل الزوال ، فتأمل.
ثم إن الظاهر أن الاستطاعة عبارة اخرى عن القدرة بمنطقة أوسع ، فلا يتصور فرض للصورة الثالثة وهي القدرة قبل زمان الاستطاعة.
وحاصل البحث وخلاصته هو : أن المقدمة المفوتة إن دل الدليل الشرعي على وجوبها قبل وجوب ذيها من نص أو اجماع أو قرينة ولو مثل لزوم لغوية وجوب ذلك الواجب لو لا إيجابها قبلناه ، وصحّحنا ذلك الوجوب الشرعي الوارد على تلك المقدمة بأنه من قبيل متمم الجعل ، أما لو بقينا نحن وتلك المقدمة المفوتة فلا يمكننا الحكم بوجوبها شرعا بدعوى أنه يلزم الشارع أن يوجبها حفظا للملاك ، لأن ملاك وجوب تلك المقدمة شرعا ليس هو مجرد وجود الملاك الآتي الكاشف عنه الوجوب الآتي الذي سيرد على ذي المقدمة ، بل لا بد أن يكون ذلك الملاك الآتي عند الشارع بدرجة من الاهمية على وجه يلزمه المحافظة عليه بايجاب تلك المقدمة ، وهذا أمر علمه عند الشارع لا عندنا.