من النحو الثاني ، ولا منافاة بين كونه في نفسه واقعيا وبين كونه طريقا إلى الحكم الشرعي.
ثم لا يخفى أنا لو سلمنا أن حكم العقل بلزوم التعلم من قبيل النحو الثاني لم يكن ذلك مانعا من جريان الأصل الاحرازي الحاكم بعدم الابتلاء بذلك الحكم ، مثل استصحاب عدم طروّ الشك أو السهو ونحوهما من موضوعات أحكام الخلل ، ومثل استصحاب عدم حصول الاستطاعة فيما بعد ، فانّ مثل هذا الأصل يحرز له عدم ابتلائه بموضوع ذلك الحكم الذي هو جاهل به فعلا ، فلا يلزمه حينئذ تعلم ذلك الحكم. وليس ذلك إلاّ من قبيل استصحاب الحجية الرافع لموضوع قبح التشريع الذي هو القول بما لم يعلم ، وإن منعنا من الرجوع إلى استصحاب عدم الحجية لكونه من قبيل الاحراز التعبدي لما هو محرز بالوجدان. ومثل أصالة عدم الحجية فيما نحن فيه (١) الأصل الذي يحرز له ابتلاءه بموضوع ذلك التكليف [ فانه ](٢) لا يجري ، مثل ما لو وجد الاستطاعة في أوّل العام واحتمل بقاءها إلى أيام الخروج ، إذ لا أثر لجريانه إلاّ لزوم التعلم المفروض أنه محرز بالوجدان ، على تأمل في ذلك أيضا ، لأن هذا الأصل لو جرى يكون موجبا لاخراج المورد عن كونه محتمل التكليف وإدراجه فيما يكون التكليف به محرزا ، وذلك كاف في جريانه.
وبالجملة : أن تارك التعلم استنادا إلى أصالة عدم حصول شرط الوجوب فيما بعد يكون معذورا عقلا ، إذ ليس وجوب التعلم أقوى من
__________________
(١) [ في الأصل هنا زيادة « نعم » حذفناه لاستقامة العبارة ].
(٢) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].