واحد ومندرجة في مناط واحد وهو تنجز الأحكام بمجرد وجودها واقعا ، بل بمجرد احتمال وجودها أو احتمال توجهها فيما بعد ، وأن العقل لا يرى الجهل الناشئ عن التقصير في التعلم والفحص في أمثال ذلك عذرا مؤمّنا من العقاب على مخالفة الواقع لو صادفت ، فيكون وجوب التعلم والفحص في جميع ما هو من هذا القبيل طريقيا لا يترتب على مخالفته سوى العقاب على مخالفة الواقع لو صادفه والتجري لو لم يصادف ، انتهى.
وكنت علّقت على ذلك بما حاصله : أنه إنما يتم فيما لو كان التكليف موجودا واقعا ، فان وجوب الفحص حينئذ يكون توأما مع إيجاب الاحتياط ، ويكون الوجوب حينئذ شرطيا بمعنى أنه لا يصح الرجوع إلى البراءة إلاّ بعد الفحص. أما ما يكون الوجوب فيه مشروطا بشرط لم يحصل بعد ففيه تأمل حتى في صورة العلم بحصول الشرط فيما سيأتي ، إلاّ أن يتمم ذلك بقاعدة الامتناع بالاختيار أو ببرهان متمم الجعل ، لكن الظاهر منه قدسسره هو إتمام الأمر من غير هاتين الجهتين ، هذا.
ولكن الانصاف أن العقل لا يحكم بمعذورية الجاهل المقصر في التعلم ولو كان ذلك بواسطة ترك التعلم قبل الوقت ، ولا أقل من عموم قوله عليهالسلام في مقام حكاية محاسبة الجاهل الذي يقال له « هلاّ تعلّمت » (١) فانه شامل لمن ترك التعلم قبل الوقت ، بل لا يبعد أن يكون ذلك هو الغالب.
لكن قد يقال : إنه على تقدير تمامية هذا الاستدلال يكون أيضا من باب متمم الجعل لا من باب أن العقل حاكم وحده بعدم المعذورية. نعم
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٩ / ١٠ ، ١٨٠ / ٣ ونصّه : « أفلا تعلّمت ».