بالوجوب ، فان كان المراد بها ملاك الندب فالظاهر أنه قدسسره لا يلتزم به ، لأنّه لا يرتب أثرا على الملاك ما لم يكن في البين تكليف شرعي على طبقه ، وإن كان المراد به هو الجهة التعليلية للندب أعني كونه شرطا في صحة الصلاة المندوبة ، فهو أيضا لا يؤثر في صحة التعبد بالعمل بعد فرض اندكاك الأمر الندبي.
ولكن الذي يظهر من قوله في هذا التقرير : لأن ذات الطلب الاستحبابي موجود بعد عروض الوجوب النفسي ، غاية الأمر أن مرتبته الاستحبابية زالت وتبدلت بالمرتبة الوجوبية ، لا أن أصل الطلب الاستحبابي وذاته ينعدم بعد عروض الوجوب ... إلخ (١) أن نفس الطلب الاستحبابي باق ، غايته أن الذي ينعدم هو الجهة التي امتاز بها عن الطلب الوجوبي وهي جهة الترخيص في الترك كما شرحناه. ولكن لازم ذلك هو بقاء كل من الطلبين بحاله ، فلا يصح لنا أن نقول إنه قد اندك أحد الطلبين بالآخر بل يكون كل منهما باقيا بذاته ، فلو كان أحدهما وجوبيا لم يسقط الطلب الوجوبي إلاّ بقصده ، ولو كانا معا وجوبيين لم يسقط كل منها إلاّ بقصده ، فلو قصد أحدهما دون الآخر كان بالنسبة إلى ذلك الآخر عاصيا ، لكن في خصوص المقام أعني باب الطهارة يكون الآخر ساقطا ، بمعنى أنه لو أراد امتثال الغاية الواجبة كانت تلك الطهارة التي حصل عليها بفعل الوضوء بداعي الغاية المستحبة كافية في صحة الغاية الواجبة ، بل إن هذه الجهة أعني عدم سقوط الوجوب إلاّ بقصده ، وأنه لو كان كل من الجهتين وجوبيا لا بدّ من قصدهما معا وإلاّ لكان عاصيا بالنسبة إلى ما لم يقصده ، لازمة حتى
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].