وأما ما أفاده قدسسره بقوله : بقي في المقام شيء ... الخ (١) فلا يخفى أنا لو وجهنا العبادية والثواب بالأمر الغيري المقدمي المتعلق بأفعال الوضوء المحصلة للطهارة التي هي شرط في صحة الصلاة ، فلا إشكال في البطلان في الصورة المفروضة ، أعني ما لو لم يعقب تلك الأعمال بالصلاة التي جاء بها من أجلها ، بناء على اعتبار الايصال في متعلق الأمر الغيري. أما بناء على عدم ذلك فلا ينبغي الاشكال في الصحة.
وكذلك الحال لو قلنا بأن المصحّح للعبادية هو قصد أمرها النفسي الاستحبابي ، غايته أنه عند وجوب الصلاة المشروطة بها يكون امتثال ذلك الأمر النفسي مقدمة للصلاة ، ويكون المأمور به الغيري هو امتثال ذلك الأمر النفسي ، فهو يمتثل الأمر النفسي المتعلق بالكون على الطهارة ، لأجل أن نفس الكون على الطهارة شرط في صحة الصلاة ، فلو لم يأت بالصلاة لم يكن ذلك موجبا لبطلان العبادية. وأقصى ما في البين هو استكشاف أن تلك العبادة لم تكن على طبق الأمر الغيري ، نظير ما لو جاء بالظهر امتثالا لأمرها مقدمة لحصول شرط العصر وبدا له في الاتيان بالعصر ، في أنه لا أثر له إلاّ استكشاف أن الظهر لم تقع على صفة الوجوب الغيري بناء على اعتبار الايصال في الواجب الغيري.
وربما اشكل على ذلك بأنه من قبيل داعي الداعي والتخلف فيه مضرّ بالصحة ، فانّ داعيه على الاتيان بتلك الأفعال هو امتثال أمرها النفسي ، وداعيه على امتثال أمرها النفسي هو امتثال أمرها الغيري ، فاذا لم يحصل امتثال الأمر الغيري بناء على اعتبار الايصال لم يحصل امتثال أمرها النفسي.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٦٣.