بالنسبة إلى كل واحد من الخصوصيتين.
قوله : فالتخيير العقلي يحتاج إلى مقدمة ثالثة وهو وجود الجامع العرفي غير المتحقق في المقام (١).
هذا مسلّم ، ولكن ليس المراد من القول بالقدر الجامع هو كون التخيير عقليا ، بل المراد هو ما عرفت من الجامع الملاكي الذي توصل الشارع إلى إيصال العرف إليه بالتعبير بما هو مفاد لفظة « أو » ونحوها. ويكون هذا المقدار هو الفارق بين التخيير العقلي والتخيير الشرعي. نعم يبقى الكلام في الأمر الصوري في مثل قوله : صم أو أعتق أو أطعم ، وأنّ هذا الأمر هل تعلق بالقدر الجامع أو تعلق بأحدها على البدل. وهو أمر سهل ، فانّ أرباب هذا القول لا يريدون أن يقولوا إن مثل قوله « صم » قد تعلق بالقدر الجامع ، بل يقولون إنه إنما تعلق بنفس الصوم ، غايته أن قرينة العطف بأو تدل أنه تعلق لا على التعيين بل على نحو البدلية. ولعل هذا هو مراد القائلين بأن الواجب هو أحدها على البدل ، وحينئذ لا يكون النزاع إلاّ لفظيا.
وقد حررت عنه قدسسره في بيان الايراد على هذا الوجه ما هذا لفظه : إن ما حررناه في تحرير هذا الوجه من امتناع صدور الواحد عن الكثير وان كان حقا ، إلاّ أنه لا ينتج كون الوجوب متعلقا بالقدر الجامع بين العدلين ، إذ أقصى ما في ذلك أن يكون كل من العدلين مشاركا للآخر في كونه محصّلا للغرض الباعث على الأمر ، اعني المصلحة التي تنشأ عنها الأحكام الشرعية وأن اشتراكهما في ذلك كاشف عن اشتراكهما في قدر جامع يكون كل منهما مؤثرا ذلك الأثر بواسطة ذلك الجامع ، إلاّ أن ذلك لا يستلزم كون
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٦٧ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].