كان ذلك الوقت قيدا لنفس الواجب ، ولا يلزم منه التكليف بغير المقدور ، فان المفروض أن التكليف قد توجه إليه عند الزوال ، فلو كان المكلف به هو ايقاع الصلاة في هذا الوقت إلى ما قبل الغروب لم يكن ذلك تكليفا بغير المقدور أعني الفعل المقيد بالزمان ، إذ المفروض أن التكليف به قد توجه إليه عند تحقق ذلك الزمان ، وإنما يكون غير مقدور لو كان التكليف بذلك الفعل المقيد بذلك الزمان قد توجه إليه قبل تحقق ذلك الزمان ، بأن يكلف عند الصبح بالصلاة المقيدة بالزوال مثلا.
ثالثها : أن لا نلتزم بهذا ولا بذاك ، بل نقول إن التكليف قد تعلق ابتداء بالصلاة المقيدة بكونها واقعة بما بين الزوال إلى غروب الشمس كما هو مفاد الآية الشريفة ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (١) بناء على رجوع هذا القيد إلى نفس الصلاة لا إلى وجوبها المستفاد [ من ] ( أَقِمِ ). لكن لمّا كان هذا القيد غير داخل تحت قدرة المكلف كان العقل حاكما بأن وجوب الصلاة المذكورة مقيد بالقدرة عليها ، وينحصر ذلك بتحقق الزوال ، وهذا معنى ما تكرر من الاستاذ قدسسره (٢) من أنّ شرطية الزمان في الوجوب قد تكون من جهة القدرة ، فيكون الزمان شرطا في الوجوب خطابا لا ملاكا.
ثم نقول ثانيا : إنه بعد أن ثبت كون الزمان قيدا في الفعل الواجب بأحد الأنحاء الثلاثة المذكورة يقع الكلام في أنه لو انقضى الزمان المذكور ولم يتحقق فيه الاتيان بالفعل المذكور ، فهل يلزم الاتيان به في خارجه أو لا يجب ذلك إلاّ بدليل؟ والأوّل مبني على كون القضاء بالأمر السابق ،
__________________
(١) الاسراء ١٧ : ٧٨.
(٢) راجع أجود التقريرات ١ : ٢٠٩ ، وراجع أيضا صفحة : ٤١ ـ ٤٢ من هذا المجلد.