الحكم عليها الذي هو الوجوب.
ثم لا يخفى أنه لا يمكن التخلص عن الاشكال بما حررناه (١) في المعنى الحرفي من أن مفاد الهيئة ليس إلا إيجاد النسبة وكونها طلبية من قبيل جهات تلك النسبة ، فيكون قيد الاستطاعة (٢) راجعا إلى جهة تلك النسبة التي أوجدناها بالهيئة وتلك الجهة هي الطلب ، فلا دخل له بالمادة كي يشكل عليه بأنه يكون حينئذ حاله حال مثل الطهارة التي تكون قيدا للمادة ، كما أنه لا دخل له بنفس مفاد الهيئة الذي هو إيجاد النسبة كي يشكل عليه بأنه معنى حرفي ، بل يكون هذا القيد أعني الاستطاعة راجعا إلى جهة تلك النسبة الذي هو الطلب ، ولا ضير فيه لأنه ليس بمفاد نفس الهيئة الذي هو معنى حرفي ، وبيان عدم إمكان التخلص أن جهة النسبة غير دخيلة بما هو مفاد الألفاظ حينئذ فكيف يصح إرجاع القيد إليه.
وهذه التمحلات كلها ناشئة عن تخيل أن مفاد إن الشرطية هو التقييد على وجه يكون هناك قيد ومقيد ونسبة تقييدية ، فيسأل عن أن المنسوب إليه في هذه النسبة التقييدية أعني المقيد بهذا القيد ما هو ، هل هو نفس المادة أو هو مفاد الهيئة ، ولكن ليس الأمر كذلك ، بل إن مفاد إن الشرطية ليس إلا إحداث الربط بين مفاد الجملتين ، فليست هي إلا أداة ربط بين الجملتين وحالها في هذه الجهة حال الحروف العاطفة جملة على جملة مثل ثم والفاء في كونها للربط بين الجملتين على جهة كون الثانية مترتبة على الأولى بفاصل أو بلا فاصل ، وحال إن الشرطية كذلك في كونها رابطة
__________________
(١) راجع الصفحة : ٥٥ من المجلّد الأول من هذا الكتاب.
(٢) [ في الأصل : المقيد بالاستطاعة ، والصحيح ما أثبتناه ].