صرف الطبيعة مقدور له في ذلك الآن ، وقد فرضنا تعلق البعث به ، فما هو العذر المسوّغ للتأخير.
وبالجملة : أن جواز التأخير يتوقف على التوسعة في ذلك البعث ولو بواسطة كون متعلقه هو الطبيعة المطلقة إطلاقا بدليا شاملا شمولا بدليا للأفراد الطولية ، والمفروض هو عدم ذلك الاطلاق ، وليس بأيدينا إلاّ الطبيعة لا بشرط الذي عرفت أن مقتضاه كون الطلب متعلقا بصرف الطبيعة.
قال في الكفاية : نعم قضية إطلاقها جواز التراخي ، والدليل عليه تبادر طلب إيجاد الطبيعة منها بلا دلالة على تقييدها بأحدهما ، فلا بدّ في التقييد من دلالة أخرى ... إلخ (١).
جعل إطلاق المادة دليلا على عدم التقييد بالفورية ، فكأن القائل بالفورية يدعي تقييد المادة المأمور بها بالفورية ، ولازم ذلك سقوط الأمر عصيانا لو لم يبادر ، إلاّ أن يحمل التقييد بالفورية على نحو تعدد المطلوب العرضي بأن يكون من قبيل الواجب في واجب ، أو على التعدد الطولي بأن يكون الواجب أوّلا هو الطبيعة الفورية ، فان لم يحصل ذلك ولو لأجل العصيان يكون الواجب هو نفس الطبيعة بلا فور أو مع الفور ثانيا. ولكن التعدد الطولي والعرضي كل منهما خلاف ظاهر التقييد ، بل مقتضى التقييد هو وحدة المطلوب ، الموجب لسقوط الطلب عند عدم حصول القيد ولو عصيانا.
ومن ذلك كله يظهر لك الاشكال فيما أفاده بقوله : تتمة ... الخ ، ما ظاهره أنه عند عدم الفورية لا يسقط الأمر ، بل يبقى الأمر بالطبيعة لكنه
__________________
(١) كفاية الاصول : ٨٠.