قال : ـ وما عرفت من الاضطرار المتيقن سابقا المصحح للاستصحاب هو الاضطرار عن الطبيعة دفعيا ، غاية الأمر يثبت تدريجية اضطراره ببقاء الاضطرار إلى آخر الوقت ولو بالاستصحاب ، وحينئذ لا قصور للاستصحاب في شموله للمقام وإثباته موضوع الحكم كما هو واضح (١).
قلت : لو كان موضوع الحكم هو العجز عن الأفراد الطولية فاستصحاب بقاء عجزه عن الأفراد العرضية إلى آخر الوقت لا يثبت به موضوع الحكم في الآن ـ أعني كونه في الآن الأوّل عاجزا عن الأفراد المتاخرة ـ إلاّ بالأصل المثبت.
إلاّ أن يقال كما في تحريرات الآملي (٢) إنه فعلا عاجز عنها لعدم حصول زمانها ، وإن كان هو قادرا عليها في زمانها الآتي. إلاّ أن ذلك خلاف مسلكه في الواجب المعلق (٣) ، فلا بدّ أن نقول : إن موضوع البدار هو كونه عاجزا في الزمان الآتي ، وباستمرار عجزه الفعلي إلى الزمان الآتي بالاستصحاب يتنقح هذا الموضوع ، وهو كونه في الزمان الآتي عاجزا ، ويكون من قبيل إحراز أحد جزأي الموضوع بالوجدان والآخر بالأصل ، فان الموضوع هو العجز الفعلي وبقاؤه إلى الزمان الآتي ، والعجز الفعلي محرز بالوجدان ، وبقاؤه إلى الزمان الآتي بالأصل ، فلاحظ وتأمل.
تتمة : أنك قد عرفت (٤) الصور الثلاث المتصورة عقلا في الأوامر الاضطرارية ، وأنه لا إعادة ولا قضاء في الاولى منها ولا في الثانية ، وإنما
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٢٧١.
(٢) بدائع الأفكار : ٢٦٩.
(٣) [ الظاهر أن المراد بذلك ما ذكره المحقق قدسسره العراقي من أن الواجب المعلّق مقدور بالواسطة وممكن وقوعها قبل تحقيق ظرفه الزماني ، فراجع نهاية الأفكار ١ ـ ٢ : ٣٠٥ وما بعدها ، وبدائع الأفكار : ٣٥٣ وما بعدها ].
(٤) في صفحة : ٣٤٥ ـ ٣٤٦.