من القيد خطابا وملاكا ، لكون وجوب ذلك القيد حينئذ مشروطا بالقدرة الشرعية الموجب لسقوطه عند تعذره خطابا وملاكا ، ويبقى التكليف بذات المقيد بحاله لسقوط تقيده بذلك القيد في ذلك الحال ، ويكون أقل تكليف مما هو مشروط بالقدرة العقلية إذا كان مزاحما لذلك القيد رافعا لوجوب ذلك القيد خطابا وملاكا كما حررناه (١) في مسألة ما لو وجب صرف ماء الوضوء على النفس المحترمة أو على تطهير البدن أو الساتر ، فانه يقدم على تقييد الصلاة بالطهارة المائية ، لكونه مسقطا للتكليف به خطابا وملاكا ، والاشكال على تطهير البدن أو الساتر بأنه أيضا مشروط بالقدرة الشرعية نظرا إلى أن قيديته مختصة بحال التمكن ، لا بدّ من الجواب عنه بما سيتضح (٢) إن شاء الله تعالى عند التعرض للاشكال على ذلك بأن لازمه تجويز تفويت القدرة في هذا النحو من القيود.
إذا عرفت هذه المقدمات فنقول : إنا إذا فرضنا أن الواجب الأولي علينا هو الصلاة مع القيام ، وفرضنا أن مصلحة الصلاة القيامية بعشرين درجة ، وفرضنا تعذر القيام علينا ، لزمنا النظر في كيفية وجوب ذلك القيام علينا ، وما مقدار مدخليته في تلك المصلحة وذلك الوجوب الوارد على الصلاة قائما.
فتارة يكون للقيام من تلك العشرين خمس درجات من دون أن يكون له دخل في الخمس عشرة الباقية ، بمعنى أن وفاء الصلاة بها لا تتوقف على القيام بل تكون وافية بها وإن تركنا القيام عمدا ، فلا يكون استيفاء الصلاة لمصلحتها متوقفا على وجود القيام ، نعم إن استيفاء مصلحة
__________________
(١) راجع المجلّد الثالث من هذا الكتاب : ١٧٩ وما بعدها.
(٢) في الصفحة : ٣٦٤ وما بعدها.