الهيئة طرفا في هذا التقييد ، هذا كله في القيود الراجعة إلى نفس الطلب.
وأما القيود الراجعة إلى نفس الواجب فهي لا تكون إلا من قبيل التوصيف للمادة ، مثل صلّ عن طهارة أو مع الطهارة ونحو ذلك مما يدل على توصيف الصلاة بأنها مع الطهارة ، حتى في مثل الظرف ونحوه على وجه يكون ذلك الظرف ظرفا للمادة لا ظرفا لمفاد الهيئة ، وبذلك يرتفع الاشكال بحذافيره.
وهذا كله اخذ من هذه الجملة أعني قوله قدسسره : إن أداة الشرط رابطة بين الجملتين (١) ، وهو مأخوذ من قولهم في تعريف القضية الشرطية بأنها ما حكم فيها بثبوت نسبة على تقدير نسبة اخرى ، سواء كان ذلك بلسان القضية الشرطية المشتملة على مقدّم وتال ، أو كان بلسان آخر يكون مرجعه إلى الملازمة بين الأمرين أعني الاستطاعة ووجوب الحج.
لا يقال : إن إيجاد الربط بين الجملتين يستدعي النظر إلى كل من المرتبطين ، فان كان المربوط هو مجموع الجملة بما اشتملت عليه من مادة وهيئة كان مفاد الهيئة جزء ذلك المنظور إليه ، وإن كان المربوط هو نفس مفاد الهيئة كان الاشكال أوضح. والحاصل : أن مفاد الهيئة لا يمكن أن يكون منظورا إليه سواء كان في ضمن الجملة أو كان منظورا بنفسه.
لأنا نقول : إن إحداث الربط بين الجملتين عبارة اخرى عن إيجادهما مربوطين ، وعلامة ذلك هو أداة الربط بينهما ، فليس في البين جملتان مستقلتان ثم بعد إيجادهما يحدث الربط بينهما كي نكون محتاجين إلى النظر إلى ما هو المربوط ، وما ذلك إلا من قبيل النسبة على نحو الحصر فان المتكلم يوجد النسبة محصورة وعلامته هو أداة الحصر مثل « إنما » لا أنه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٩٥ ( نقل بالمضمون ).