للمصالح في المتعلقات لم يكن لنا بدّ في توجيه كون التقييد ناشئا عن مصلحة ، من الالتزام بأنه تارة يكون دخيلا في المصلحة في الفعل على وجه يكون صلاح ذلك الفعل متوقفا على وجود ذلك القيد فيكون ذلك القيد قيدا في الوجوب ، واخرى يكون دخيلا فيها على وجه يكون وفاء الفعل بتلك المصلحة متوقفا على تقيده بذلك القيد ، فيكون ذلك القيد قيدا في الفعل الواجب. وعلى الاول يكون القيد خارجا عن تحت الطلب فلا يجب تحصيله بخلافه على الثاني.
وربما كان القيد واجدا لكلا الجهتين ، بمعنى أن الزوال مثلا كما يكون ممّا يتوقف عليه مصلحة الصلاة الباعثة على تعلق الوجوب بها فكذلك يكون ممّا يتوقف عليه وفاء الفعل بالمصلحة ، فتكون النتيجة هي أن وجوب الصلاة مشروط بالزوال كما أن الصلاة الواجبة تكون مقيدة بذلك القيد ، اعني وقوعها في ذلك الوقت على وجه لو فرض خروجها عن ذلك الوقت ولو محالا لم تكن وافية بالمصلحة.
وقد مثل قدسسره فيما حررته عنه للمصلحة الباعثة على الوجوب بالفتق وللمصلحة الباعثة على تقييد الواجب بالرتق ، فانخراق الثوب يحدث مصلحة في رتقه تكون تلك المصلحة باعثة على وجوب رتقه ، لكون رتقه بعد الفتق ذا مصلحة تقتضي وجوب الرتق. ثم إنّ قيام هذا الرتق بتلك المصلحة ربما كان متوقفا على أجزاء وقيود تكون دخيلة في قيامه بتلك المصلحة ، فيكون القيد الأول قيدا في أصل الوجوب ، وتكون القيود الأخر قيودا في الواجب.
وهكذا الحال في المرض فانه يحدث مصلحة في شرب الدواء تكون علة في ايجابه عند المرض ، ويكون المرض شرطا لوجوب شرب الدواء.