المستلزمة للتصويب الذي لا نقول به ، وأين هي من السببية التي قالها الشيخ قدسسره (١) من المصلحة السلوكية التي لا تؤثر على المصلحة الواقعية.
وحينئذ يتضح لك أن ما أفاده في الكفاية (٢) من جريان الصور الخمس التي ذكرها في الأمر الاضطراري مما لا يمكن المساعدة عليه ، فان السببية بالمعنى الذي يقوله المعتزلة توجب قلب الواقع ، ولا محصّل لبقاء شيء من مصلحة الواقع ، إذ أنه بناء عليها يقع الكسر والانكسار في المصلحتين. فان كانت مصلحة الواقع هي الغالبة لم يعقل أن يجعل الشارع تلك الأمارة حجة ، وإن كانت مصلحة الأمارة هي الغالبة لم يأمر الشارع إلاّ بمقتضاها ولا يأمر بالواقع. وبالجملة : أن التزاحم بين المصلحتين لا يكون إلاّ آمريا ، ولا تكون نتيجته إلاّ وحدة الأمر إما على طبق الواقع وإما على طبق الامارة.
هذا كله فيما لو انكشف الخلاف انكشافا قطعيا في موارد الشبهات الموضوعية. أما الشبهات الحكمية فقد قدّمنا (٣) ندرة انكشاف الخلاف فيها انكشافا قطعيا ، لكن لو اتفق كما لو بنى على عدم نجاسة ماء البئر ثم بعد العلم قام الإجماع القطعي على النجاسة مثلا ، فانه لو فرض ذلك فانه لا ينبغي الاشكال في عدم الاجزاء أيضا بعد البناء على أن الحكم الظاهري سواء كان من أمارة أو أصل أيّ أصل من الاصول لا يغيّر الواقع عمّا هو عليه.
ومنه يظهر الحكم في موارد الانكشاف غير القطعي ، ونعني بذلك أن يتبدل الحكم الظاهري وينتقل المكلف من حكم ظاهري إلى حكم ظاهري
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١١٤ وما بعدها.
(٢) كفاية الاصول : ٨٦.
(٣) في صفحة : ٣٧٦.