فالأولى هو الوجه الثاني ، أعني كون حجية الدليل الثاني مقصورة على الأفعال المتأخرة عنه ، خصوصا في مثل تبدل التقليد ، فيكون عدم إعادة الأفعال السابقة من باب عدم قيام الحجة على فسادها ، فان الفتوى الثانية وإن كان مدلولها عاما لكل فعل ، إلاّ أنه من الممكن أن تكون حجيتها مقصورة على ما تأخر عنها.
ثم إنه في الكفاية (١) نقل عن الفصول التفصيل بين الأحكام ومتعلقاتها ، فيكون الرجوع مؤثرا في الأول دون الثاني.
لكن الظاهر من مراجعة الفصول (٢) بعد التأمل أنه يفصّل بين العمل الذي وقع على طبق الفتوى السابقة ، مثل ما لو صلى تاركا للسورة أو في شعر الأرانب بانيا على الجواز ثم رجع ، فانه لا يعيد ذلك العمل الذي وقع على طبق الفتوى السابقة ، ومن ذلك ما لو حكم اعتمادا على فتواه ثم رجع عن الفتوى ، فان هذا الحكم لا ينتقض بالرجوع ، وهكذا الحال فيما لو أفتى بصحة العقد الفارسي وعقد عقد نكاح أو بيع بالفارسي ثم عدل فانه لا يعيد العقد ، وحاصل ذلك هو أن العمل الواقع على طبق الفتوى السابقة لا يلزم إعادته فلا ينقضه الرجوع.
بخلاف ما إذا لم يكن في البين عمل قابل للحكم بالفساد والاعادة ، بل لم يكن فيما تقدم إلاّ صرف الفتوى مع فرض بقاء الموضوع ، كما لو أفتى بطهارة عرق الجنب من الحرام ثم عدل عن ذلك ، فانّ هذا العرق وإن كان محكوما بالطهارة قبل الرجوع إلاّ أنه محكوم بالنجاسة بعد الرجوع ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٧٠.
(٢) الفصول الغروية : ٤٠٩ ـ ٤١٠.