التساقط يرجع إلى مقتضى الأصل وهو يقتضي الاعادة ، لكن ربما يعدل عن ذلك التعارض وينقدح في ذهنه أن قاعدة التجاوز في مثل الفرض لا تجري في غير الركن ، فيكون الجاري هو قاعدة التجاوز في الركن فقط ، وفي غير الركن تجري أصالة عدم الاتيان به. وهكذا الحال في أغلب موارد التصادم بين القواعد.
بل ربما جرى مثل ذلك في تعارض الأخبار ، بأن يبني على أن الشهرة الفتوائية مرجحة ثم يعدل عن ذلك ، إلى غير ذلك من موجبات العدول غير الراجعة إلى العثور على شيء لم يكن قد عثر عليه ، وجميع ما يقع فيه الخلاف بين المجتهدين من هذا القبيل.
وفي مثل هذه الموارد يكون العدول من قبيل تبين الخلل في نفس الحكم الظاهري السابق ، ويكون من قبيل ما لو عمل على طبق قطعه ثم قطع بخطإ قطعه السابق ، فيكون شبيها بالشك الساري ، ومن الواضح أنه لا مجال لتوهم الاجزاء في هذا النحو من تبدل الرأي ، فلاحظ وتأمل.
قوله : إذا نسخ الوجوب ـ إلى قوله : ـ لكون الأحكام كلها بسائط ... الخ (١).
تقدم (٢) أن الاستحباب مؤلف من طلب الفعل مع ضم حكم آخر إليه وهو تجويز الترك ، وحينئذ لو تعلق النسخ بذلك الحكم الآخر الذي هو تجويز الترك لكان مقتضاه بقاء مجرد الطلب ، وحينئذ يكون مقتضيا للوجوب ، فيكون الحاصل بعد نسخ الجهة الزائدة هو بقاء الوجوب.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٠٣.
(٢) راجع في صفحة : ٣٥٠ وما بعدها من المجلّد الأول من هذا الكتاب.