(١) توضيح المقال وتحقيق الحال على نحو الإجمال : أما في مثال الثوب والعبد فلأنهما إن لوحظا باعتبار اليد عليهما فهما محكومان بالحلّ ، لكنه ليس مستندا إلى أصالة الحلّ ، بل إلى اليد التي [ هي ] من الأمارات الشرعية ، وإن لوحظا مع قطع النّظر عنها فهما محكومان بحرمة التصرّف فيهما ـ حينئذ ـ بمقتضى استصحاب بقاء تلك الغير في الأول ، وبمقتضى أصالة الحرية الثابتة بقوله عليه السلام : « الناس كلّهم أحرار إلاّ من أقرّ على نفسه بالرقّ » (١) في الثاني ، فإنهما حاكمان على أصالة الحلّ في موردهما لإخراجهما موردهما عن تحتها ، وقد مرّ أنه إذا كان على المورد أصل موضوعي لا يجري فيه أصالة الحلّ والإباحة ، فلا يكون شيء من المثالين مندرجا (٢) في صدر الرواية المثبتة لأصالة الحلّ.
نعم المثال الأول ـ على بعض الوجوه ـ يمكن إدخاله (٣) في صدر الرواية ، فإنّ الشكّ في كون الثوب ماله أو مال الغير قد سرق منه له صورتان :
إحداهما : صورة العلم بكونه ـ سابقا ـ مال ذلك الغير الّذي يحتمل الآن كونه ماله ، ففي هذه الصورة الحلّية مستندة إلى اليد كما مرّ ، ومع قطع النّظر فالحكم الحرمة لما مرّ.
وثانيتهما : صورة الشك في أنه مال الغير في السابق باحتمال أن يكون الثوب مصنوعا من مال نفسه ، فحينئذ :
إن قلنا : إنّ موضوع الحلّية في الأموال هو كون الشيء مالا للإنسان ، وموضوع الحرمة فيها هو ما لم يكن مالا له.
فالحلّية ـ حينئذ أيضا ـ مستندة إلى اليد ، ومع قطع النّظر عنها فالحكم الحرمة بمقتضى أصالة عدم كونه ماله ، فبه يحرز موضوع الحرمة لكونه عدميا ، ويترتّب عليه الحرمة ، ولا يعارضه استصحاب عدم كونه مال الغير ، فإن ذلك
__________________
(١) الكافي ٨ : ٦٩ ـ ٢٦ ، وفيه : « ... الناس كلّهم أحرار ، ولكن الله خوّل بعضكم بعضا ... ».
(٢) أي : لا يصحّ أن يكون شيء منهما مندرجا.
(٣) أي : يصحّ دخوله.