قال ـ دام ظله ـ : الظاهر أن المراد إلا من حيث أحله الله في الكتاب. ثم إن الاستدلال به مبني على أن يكون هو في مقام إنشاء الحلية ، فيقال ـ حينئذ ـ : إنه علق الحل على أمر وجودي ، وهو السبب الّذي جعله الله سببا للحل في القرآن ، فإذا لم يحرز سبب الحل فالشيء محكوم بالحرمة لأصالة عدم تحقق سبب الحل.
لكن الظاهر أنه تأكيد للخطابات الخاصة ، لا تأسيس ، ومعناه نظير قوله عليه السلام : « إنما الحرام ما حرم الله » (١) يعني الحرام منحصر فيما حرم الله في الواقع ، فيكون إخبارا لا إنشاء ، فيسقط عن الاستدلال.
ثم قال : إن بنينا أن موضوع كل من الحرمة والحل أمر وجودي ، فيتعارض استصحاب عدم موضوع كل منهما مع استصحاب عدم موضوع الآخر ، فيجري أصالة الحل ـ حينئذ ـ لعدم أصل موضوعي حاكم عليها.
وكذا نحكم بالحل ـ أيضا ـ إن قلنا بأن موضوع الحرمة أمر وجودي ، دون موضوع الحل ، بأن يقال : إن موضوعها مال الغير ، وموضوعه ما لم يكن مالا للغير ، فحينئذ نحكم ـ بمقتضى أصالة عدم كونها مالا للغير ـ بحليته ، وإن قلنا بعكس ذلك فنحكم بالحرمة ، لأصالة عدم تحقق موضوع الحل ، فيحرز به موضوع الحرمة ، ولعل المتأمل في الأدلة يجد أن موضوع كل منهما وجودي ، فيجري أصالة الحل والإباحة.
ثم قال : ويمكن أن يقال ـ أيضا ـ : إنه قد يثبت في بعض الموارد حلية التصرف الملكي الّذي هو أقوى التصرفات المالية من غير توقف على سبب ، كما في باب الحيازات واللقطة ، وإذا ثبت ذلك ثبت حلية سائر التصرفات بالأولى.
لكن الإنصاف اندفاعه : بمنع الأولوية لما ترى من جواز التملك في
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢ ـ ٢ ، وفيه : « وإنما الحرام ما حرم الله في القرآن ».