قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( وفيه ما تقدّم في الآية السابقة. ) (١). من أنّها تدلّ على وقوع العذاب بعد البيان ، فيختصّ بالدنيويّ.
أقول : ويمكن أن يقال فيها أيضا ما قلنا في الآية السابقة من أنّ العدول إلى لفظ ( ما كنا ) معشر بأنّ شأنه تعالى لم يكن إلاّ الخذلان والعذاب بعد البيان ، فيكون هذا شأنه تعالى وهو ثابت له في الآخرة أيضا ، فلا يعذّب بعذاب الآخرة أيضا إلا بعد البيان ، إلاّ أنّه مجرّد إشعار لا ينبغي الركون إليه ، كما مرّ.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( إلاّ بالفحوى ... ) (٢) بأن يقال : إنّه إذا أوقف الله ـ سبحانه وتعالى ـ العذاب الدنيويّ الّذي هو أهون من الأخروي على البيان ، فإيقافه الأخرويّ عليه أولى.
وفيه : أنّا نقطع بانتفاء العذاب الدنيويّ في أكثر المحرّمات المعلومة ، مع القطع بترتّب العذاب الأخروي عليها ، فلا ملازمة بين انتفاء الأوّل وبين انتفاء الثاني ، فضلا عن كون الثاني أولى.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( في دلالتها تأمّل ... ) (٣).
فإنّها مذكورة في سورة الأنفال في مورد خاصّ ، وهو غزوة بدر ، فيحتمل ان يكون المراد بالهلاك هو القتل ، وبالبيّنة البصيرة الحاصلة لكلّ أحد من ظهور معجزات النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ـ الظاهرة في تلك الغزوة للكفّار ، فيكون المراد منها ـ والله أعلم ـ أنّا فعلنا ما فعلنا (٤) في تلك الواقعة من إظهار مقامات النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ـ لهم ليقتل من يقتل عن بصيرة ، فلا ربط لها ـ على
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣١٧.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣١٨.
(٣) فرائد الأصول ١ : ٣١٨.
(٤) في الأصل غير مقروءة ويحتمل انها : ( فعلناها فعلا ) ، ولكن العبارة التي أثبتناها أقوم.