فإنّ التفصيليّ بحيث لو اذن فيه بترك الموافقة القطعية لكان ذلك مستلزما للتناقض ، بخلاف العلم الإجمالي ، فإنّ له جهة علمية وجهة شكّية ، وهو بالنسبة إلى الأولى كالعلم التفصيليّ لا يعقل رفع مقتضاه ، وبالنسبة إلى الثانية قابل لرفعه ، ومقتضاه على الأولى هو عدم جواز المخالفة القطعية ، وعلى الثانية (١) هي الموافقة القطعية.
والحاصل : إنه يمكن التفكيك بين عدم جواز المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية فيه ، لما ذكر ، بخلاف العلم التفصيليّ.
ثمّ إنه لا بأس بإعادة الكلام فيما كنّا بصدده من الجواب عن الدليل العقلي المذكور ، فنقول :
توضيح الكلام فيه : إنه قد يجاب عنه : تارة بأنّ العلم الإجمالي إنّما هو قبل المراجعة إلى الأدلة (٢) ، وأمّا بعده فينقلب هو إلى العلم التفصيليّ والشكّ البدوي ، لحصول العلم التفصيليّ ـ حينئذ ـ بحرمة عدّة أمور تساوي المعلوم الإجمالي ، فيكون الشكّ في غيرها بدويا مرجعا للبراءة الأصلية.
والحقّ : أنّ ذلك على تقدير ثبوته كاف شاف في دفع الدليل المذكور ، فإنه إذا علم إجمالا بوجود محرّم أو نجس بين أمور ـ مثلا ـ ثم علم بنجاسة أحدها أو حرمته تفصيلا فهناك صور ثلاث :
أولاها : أن يعلم أنّ ذلك المعلوم بالتفصيل الآن هو المعلوم بالإجمال من قبل.
وثانيتها : أن لا يعلم الاتّحاد ، لكن يعلم أنّ ذلك المعلوم بالتفصيل كان حراما أو نجسا في زمان العلم الإجمالي.
__________________
(١) في النسخة ( الثاني ) والصحيح ما أثبتناه.
(٢) كذا في الأصل ، والصحيح : ( مراجعة الأدلّة ) أو ( الرجوع إلى الأدلة ).