فيما بعد بالنص على إمامة الاثني عشر ، وكل من قال بإمامتهم قطع على وفاة محمد ابن الحنفية ، وسياقه الامامة إلى صاحب الزمان عليهالسلام.
ومنها انقراض هذه الفرقة ، فإنه لم يبق في الدنيا في وقتنا ولا قبله بزمان طويل قائل يقول به ، ولو كان ذلك حقا لما جاز انقراضه.
فإن قيل : كيف يعلم انقراضهم وهلا جاز أن يكون في بعض البلاد البعيدة و جزائر البحر وأطراف الارض أقوام يقولون بهذا القول كما يجوز أن يكون في أطراف الارض من يقول بمذهب الحسن في أن مرتكب الكبيرة منافق ، فلا يمكن ادعاء انقراض هذه الفرقة ، وإنما كان يمكن العلم (١) لو كان المسلمون فيهم قلة و العلماء محصورين ، فأما ( الآن ) وقد انتشر الاسلام وكثر العلماء ، فمن أين يعلم ذلك؟ قلنا : هذا يؤدي إلى أن لا يمكن العلم بإجماع الامة على قول ولا مذهب ، بأن يقال : لعل في أطراف الارض من يخالف ذلك ، ويلزم أن يجوز أن يكون في أطراف الارض من يقول أن البرد لا ينقص الصوم ، وأنه يجوز للصائم أن يأكل إلى طلوع الشمس ، لان الاول كان مذهب أبي طلحة الانصاري والثاني مذهب الحذيفة والاعمش ، وكذلك مسائل كثيرة من الفقه كان الخلف فيها واقعا بين الصحابة و التابعين ، ثم زال الخلف فيما بعد ، واجتمع أهل الاعصار على خلافه ، فينبغي أن يشك في ذلك ولا نثق بالاجماع على مسألة سبق الخلاف فيها ، وهذا طعن من يقول أن الاجماع لا يمكن معرفته ولا التوصل إليه ، والكلام في ذلك لا يختص هذه المسألة فلا وجه لايراده ههنا ، ثم إنا نعلم أن الانصار طلبت الامرة ودفعهم المهاجرون عنها ، ثم رجعت الانصار إلى قول المهاجرين على قول المخالف ، فلو أن قائلا قال : يجوز عقد الامامة لمن كان من الانصار للان الخلاف سبق فيه ولعل في أطراف الارض من يقول به فما كان يكون جوابهم فيه؟ فأي شئ قالوه فهو جوابنا بعينه ، فلا نطول بذكره.
فإن قيل : إذا كان الاجماع عندكم إنما يكون حجة لكون المعصوم فيه فمن
____________________
(١) في المصدر : يمكن العلم بذلك.