فكذلك يمكن أن يقال هناك إنّه قبل الدخول يكون التصرّف الخروجي ذا مفسدة فيكون محرّما ، وبعد تحقّق الدخول يرتفع ما يقتضي الحكم بتحريمه ، ولو باعتبار تحقّق العصيان وارتفاع الحرمة خطابا مع بقائه على ما هو عليه من المبغوضية واستحقاق العقاب. فهو من هذه الجهة يشارك ما عليه الجبائي (١) من اجتماع استحقاق العقاب على التصرّف الخروجي مع كونه مخاطبا بارتكابه ووجوبه الشرعي فعلا.
قوله : أمّا الموضع الأوّل فقد اختلف فيه بالأقوال الأربعة ... الخ (٢).
نقل في الكفاية (٣) قولا خامسا وهو كونه منهيا عنه فقط ، ونقله المرحوم الشيخ محمّد علي في تحريراته (٤). وهذه الأقوال إنّما تتأتّى فيما لو كان الخروج ممكنا ، أمّا لو لم يكن الخروج ممكنا ومع ذلك ارتكب الدخول بسوء اختياره ـ كما لو تعمّد ركوب المركب المغصوب ـ فالظاهر أنّه لا إشكال في حرمة مكثه ، ولا أقل من كونه مبغوضا وإجراء حكم المعصية عليه وأنّه يستحقّ عليه العقاب ، وحينئذ لا يتحقّق التقرّب بالصلاة فيه. وهكذا الحال في من اضطرّ إلى لبس الحرير أو المغصوب بسوء اختياره ، بأن كان الوقت باردا بحيث لا يمكنه نزعه وكان عنده غيره من الألبسة فأعدمها ، أو أنّه لم يكن عنده غيره ولكنّه تعمّد في الخروج إلى الصحراء على وجه لا يمكنه العود ، أو شرب ما يوجب اضطراره إلى
__________________
(١) البرهان في أصول الفقه ١ : ٢٠٨ ، بيان المختصر ١ : ٣٩١ ، التقريب والإرشاد ٢ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٨٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٣) كفاية الأصول : ١٦٨.
(٤) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٤٧.