ردّا للمغصوب لا يعقل أن يكون محرّما في وقت من الأوقات ، كي يكون داخلا بعد الدخول في الاضطرار إلى المحرّم بسوء الاختيار ، ليكون من موارد قاعدة الامتناع بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار فتأمّل.
تتميم أو توضيح لما تقدّمت الاشارة إليه من إمكان تطرّق التأمّل فيما أفاده شيخنا قدسسره من عدم معقولية النهي عن الخروج فنقول بعونه تعالى :
إنّه قد تقدّم منه قدسسره في مبحث الواجب المعلّق (١) أنّه ليس من الواجب المعلّق ما يكون من الأفعال الواجبة متوقّفا على مقدّمة اختيارية تحتاج إلى مقدار من الزمان ، كما في التكليف بالكون في مسجد الكوفة بالنسبة إلى من يحتاج في ذلك إلى قطع مقدار من المسافة ولو قليلا ، وهكذا الأجزاء المتأخرة بالنسبة إلى ما يتقدّمها من الأجزاء ، فإنّ ذلك كلّه ليس من قبيل الواجب المعلّق ولا الواجب المشروط ، بمعنى أنّ التكليف بالأفعال المتأخرة الموقوفة على أفعال متقدّمة لا يكون مشروطا بالنسبة إلى تلك الأفعال المتقدّمة ولا واجبا معلّقا ، بل إنّ الوجوب المتعلّق فعلا بتلك الأفعال المسبوقة بأفعال أخر يكون مطلقا بالنسبة إلى الأفعال السابقة ، فإنّ اللاحقة وإن كانت مقيّدة بالسابقة وكان وجودها متوقّفا على وجودها ، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب تقيّد تلك الأفعال اللاحقة بزمانها اللاحق كي تكون من قبيل الواجب المعلّق بما لو تقيّدت الأفعال بالزمان اللاحق.
ولعلّ السرّ في ذلك هو أنّ تقيّدها بالزمان مع فرض كون الوجوب حاليا غير مشروط بذلك الزمان يكون مستدعيا لجرّ الزمان وهو محال غير مقدور للمكلّف ، بخلاف ما لو كان القيد أو المقدّمة الوجودية هو الأفعال الاختيارية
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٠١ وما بعدها ، وقد تقدّم ما يرتبط بذلك في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٥٠.