ومستدبر المغرب ، فإنّ علّة الصدق في الأوّل هي الاستقبال وفي الثاني هي الاستدبار وهما مختلفان ، غايته أنّ التلازم بين الجهتين وعدم انفكاك إحداهما عن الأخرى أوجب التلازم بين معلوليهما الذي هو العنوان المنتزع منهما ، أعني عنوان المستقبل وعنوان المستدبر. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ التلازم بين الجهتين لا بدّ أن يكون ناشئا عن كونهما معلولين لعلّة ثالثة أو كون إحداهما معلولة للأخرى ، وحيث إنّ العلّة الثالثة هي الذات نفسها أو ما هو معلول لها ، كما أنّ ما يكون منهما علّة للأخرى يكون العلّة فيه هي الذات إمّا بلا واسطة أو بواسطة ، فبالأخرة ينتهي الأمر في هاتين الجهتين إلى كونهما معلولتين للذات ، فتكون الجهة التعليلية هي الذات فتكون متّحدة.
ومنه يعلم الحال في الخاصتين لنوع واحد فإنّ العلّة في جهتيهما هي الذات أيضا ، وهكذا الحال في الفصل والخاصّة ، بل وهكذا الحال في النوع والفصل ، فإنّ العلّة في جميع هذه العناوين تكون بالأخرة هي الذات نفسها ، وحينئذ يتمّ ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ الجهة التعليلية في جميع أقسام التساوي هي واحدة وهي الذات التي هي العلّة الأخيرة في هذه الجهات. لكنّه على الظاهر لا يخلو عن خروج عن الاصطلاح ، لما عرفت فيما أشرنا إليه من أنّ المراد من الجهة التعليلية في خصوص العناوين العرضية إنّما هي مبدأ اشتقاقه ، وإن كانت العلّة في ذلك المبدأ واتّصاف الذات به هو الذات ، سيما بملاحظة أنّ هذه العناوين العرضية مثل الضاحك والعالم والقاعد والقائم إنّما هي منتزعة عن الذات باعتبار اتّصافها بالمبدإ الكذائي ، فيكون لذلك المبدأ مدخلية في صحّة انتزاعها عن الذات وحمله عليها ، فيكون هو الجهة التعليلية في ذلك الانتزاع والحمل ، هذا. مضافا إلى أنّ الذات هي التي يحمل عليها العنوان ، فتكون من الجهات التقييدية فلا يمكن أن