تلك الحركة الواقعة في حال الخروج هي منهي عنها بالنهي السابق ، الساقط بالاقدام على عصيانه ، مع فرض علمه بعدم تمكّنه من التخلّص بعد ذلك الاقدام على العصيان ، فليس في البين واجب وهو الردّ أو التخلية ومقدّمة واجب وهو الحركة الخروجية كي نحتاج إلى القول بسقوط الخطاب بذلك الواجب ، كسقوط الخطاب بالنهي عن مقدّمته التي يتوقّف عليها.
نعم ، في مثل شرب الخمر لأجل حفظ النفس بعد تعمّده ما ألقاه في ذلك الاضطرار يقع موقعا لهذا الإشكال ، ولا بدّ حينئذ من الالتزام ببقاء مبغوضية الشرب مع انطباق محبوبية حفظ النفس ، من دون أن يكون خطاب شرعي بترك ذاك ولا بفعل هذا ، مع الالتزام بأنّه لو شرب عوقب على الشرب ولو ترك عوقب على تضييع نفسه ، كلّ ذلك من جهة سوء اختياره.
ومن الغريب ما في الحاشية (١) من الالتزام بوجوب حفظ النفس هنا شرعا مع الالتزام بمبغوضية مقدّمته التي هي الشرب ، وكيف يعقل أن يكلّف الحكيم بشيء ويوجّه الخطاب به مع علمه بأنّه متوقّف على شيء هو مبغوض له فعلا ، وحينئذ فلا محيص لنا إلاّ الالتزام فيه بما ذكرناه في مسألة الخروج بعد الدخول بأن نقول : إنّ هذا المكلّف بعد تلك العملية قد اضطرّ إلى أحد العصيانين ، أعني عصيان الأمر بحفظ النفس أو عصيان النهي عن شرب الخمر ، والعقل يلزمه بأخفّهما قبحا وهو الشرب ، ومع ذلك يكون معاقبا عليه من دون أن يكون خطاب في هذا ولا في ذاك.
وينبغي مراجعة الكفاية (٢) فإنّه أوّلا أجاب عن إن قلت الأخيرة بما ذكره
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ١٩٥.
(٢) كفاية الأصول : ١٧٢.