ولا يمكن النقض على هذه القاعدة بالعناوين المتصادقة على الواجب تعالى وتقدّس ، بدعوى أنّ جهة صدقها عليه تبارك وتعالى متّحدة مع كون تلك العناوين في حدّ نفسها مختلفة ، فإنّ كلامنا إنّما هو في العناوين الصادقة على الممكن دون الصادقة على الواجب المقدّس ، فإنّ عقولنا لا تدركها ولا تحيط بكيفية صدقها ، وما للتراب وربّ الأرباب. وأقصى ما يمكننا أن نقول إنّ تلك العناوين من المقول بالتشكيك وأقصى مراتبه هو ما يكون بالنسبة إليه تعالى ، وجميع تلك العناوين فيه تبارك وتعالى راجعة إلى عنوانين وهما العلم والقدرة ، أو ثلاثة وهي الاثنان المذكوران والحياة. وأقصى ما يمكننا من الإيضاح في ذلك هو النظر إلى ما توجده مخيّلتنا من الصور الخيالية ، فإنّ علمنا بها عين قدرتنا عليها ، وذلك العلم هو أقصى مراتب العلم كما أنّ تلك القدرة هي أقصى مراتبها.
وكيف كان ، فإنّ صفاته تعالى أجنبية بالمرّة عمّا يراد في هذا المقام ، فلا يمكن التمسّك بها على أنّ اختلاف المفاهيم وتغايرها لا يوجب اختلافا وتغايرا في جهة الصدق فيها كي يقال كما في الكفاية إنّ اختلاف العناوين وتعدّدها لا يوجب تعدّدا في ناحية المعنون (١) ، وذلك لما هو واضح من أنّ اختلاف العناوين وتغايرها موجب لمغايرة جهة الصدق في أحدهما لجهة الصدق في الآخر ، ويكون ذلك التغاير في جهة الصدق هو المنشأ في اختلاف العناوين بالعموم من وجه أو العموم المطلق أو التباين ، انتهى.
قلت : إنّ هذا مسلّم لا تأمّل لأحد فيه على الظاهر ، فإنّ اختلاف العناوين في السعة والضيق كاشف قطعي عن عدم اتّحاد جهة الصدق فيها ، ولكن يمكن التأمّل في توجّه الإيراد بذلك على صاحب الكفاية ، فإنّا بعد أن أخذنا جهات
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٩.