قوله : المقدّمة الثالثة : قد ذكرنا في مبحث المشتق أنّ مبادئ الاشتقاق مأخوذة بشرط لا ، بعضها بالاضافة إلى بعض والكل بالاضافة إلى الذوات المعروضة لها ، فلذا لا يصحّ الحمل بينها أصلا ... الخ (١).
تقدّم (٢) في باب المشتق أنّ مبدأ الاشتقاق هو المادّة السارية في جميع المشتقّات حتّى المصدر بل حتّى اسم المصدر ، وهي أعني تلك المادّة ملحوظة لا بشرط بالاضافة إلى تلك الطوارئ التي تطرأ عليها ويتولّد منها سائر المشتقّات ، مثل الفعل الماضي واسم الفاعل ونحوهما من النسب الفعلية أو الوصفية التي هي مصحّحة لحملها على الذات ، أمّا المصدر نفسه فقد عرفت أنّه ملحوظ بشرط النسبة كسائر المشتقّات ، نعم اسم المصدر لوحظ فيه الحدث مجرّدا عن النسبة ونحوها من أخذه وصفا للذات وعنوانا لها.
وبعبارة أخرى : هو من هذه الناحية مأخوذ بشرط لا ولكن بالنسبة إلى النواحي الأخر والطوارئ الطارئة على نفس ذلك الحدث ، فهو ملحوظ لا بشرط ، ولذلك يصحّ وصفه بصفات عديدة مثل الشدّة والسرعة ونحوهما ، فيقال الضرب شديد والمشي سريع ، هذا بالقياس إلى ما يلحقه من الصفات والطوارئ والعوارض.
وأمّا بالنسبة إلى عرض آخر مثله فإن كان ذلك العرض الآخر من مقولة أخرى كان مباينا له ولا يصحّ حمله عليه ، وكان بالنسبة إليه مأخوذا بشرط [ لا ] ، بل التعبير في حقّ هذا العرض بالنسبة إلى عرض آخر من مقولة أخرى بأنّه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٣٢ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) في أجود التقريرات ١ : ٩٠ ( المقدّمة السادسة ). لاحظ حاشية المصنّف قدسسره في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٦٠ وما بعدها.