هنا حسبما حرّره عنه في هذا الكتاب (١) بأنّ الأمر بالجزء المفقود باق بحاله ، وأنّ الأمر الواقعي لم يتغيّر عمّا هو عليه من تعلّقه بالمركّب التامّ ، غير أنّ الشارع من باب التسهيل والمنّة على المكلّفين حكم بأنّ هذا الفاقد منزل منزلة الواجد ، وأنّه مطابق لذلك الواجد مطابقة تنزيلية بحكم الشارع ، فيكون المجعول الأوّلي هو هذه الجهة أعني المطابقة ، فتكون المطابقة مجعولة بنفسها.
والذي يظهر ممّا حرّره عنه المرحوم الشيخ محمّد علي (٢) وغيره هو أنّ الصحّة عنوان منتزع من المطابقة ، فإن كانت المطابقة واقعية لم تكن الصحّة مجعولة ، كما أنّ منشأ انتزاعها الذي هو المطابقة لم يكن مجعولا. وإن لم تكن المطابقة واقعية ، بل كانت تنزيلية بجعل الشارع ، كما في موارد الأحكام الظاهرية قبل الانكشاف أو بعده لو قلنا بالاجزاء ، كانت المطابقة التي هي منشأ انتزاع عنوان الصحّة مجعولة ، ولكن الصحّة نفسها لا تكون مجعولة ، بل هي كما في بقية الموارد انتزاعية صرفة.
ولا يخفى أنّ هذا لا يتوقّف على كون الصحّة منتزعة من المطابقة ، بل الظاهر تأتّيه لو قلنا بأنّها منتزعة من التمامية. كما أنّ الأوّل الذي حرّره عنه قدسسره في هذا الكتاب لا يتوقّف على دعوى كون الصحّة عبارة عن نفس المطابقة ، بل يتأتّى مع دعوى كونها عبارة عن التمامية ، فإنّ نفس التمامية يتأتّى فيها ما تأتّى في المطابقة ، بأن يقال إنّ التمامية تارة تكون واقعية وأخرى تكون جعلية تنزيلية ، كما في موارد الأمر الظاهري قبل انكشاف الخلاف وبعده.
وعمدة التأمّل في هذا الذي أفاده قدسسره بكلا تقريريه هو من ناحية أنّ التنزيل
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢١٠ ـ ٢١١.
(٢) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٦٠.