كانت هي لو لا النهي أيضا محكومة بالفساد ، إلاّ أنّ ذلك من جهة الأصل أعني أصالة الفساد ، وهذا من جهة الدليل الاجتهادي. ثمّ لا يخفى أنّه يمكن القول بجعل صوم الوصال من قبيل الشبهة المفهومية نظير النافلة الرباعية ، والأمر سهل.
قوله : فإنّ مقتضى الأصل في المعاملة دائما هو الفساد ـ إلى قوله : ـ وأمّا في العبادات فإن كان الشكّ في الصحّة والفساد من جهة شبهة موضوعية ... الخ (١).
الذي ينبغي هو أن يحرّر الكلام تارة في الشبهة مع قطع النظر عن النهي ، وأخرى في الشبهة الناشئة عن النهي ، ويتكلّم على كلّ واحدة من هاتين على حدة ، وإن كانت الشبهة من الجهة الأولى خارجة عمّا نحن بصدده ، إلاّ أنّه لا بدّ من الكلام عليها أوّلا ليتّضح حالها ، وليكون الكلام على الجهة الثانية ممحضا لها ، فلا يدخله الشكّ من الناحية الأولى ، فنقول بعونه تعالى :
أمّا الكلام من الجهة الأولى فتارة يكون في العبادات ، وأخرى في المعاملات. أمّا العبادات فإن كانت الشبهة حكمية صرفة كما في مثل صوم الصمت فالظاهر أنّ الحكم فيها هو الفساد ، للشكّ في المشروعية ، وكذلك الحال فيما إذا كانت الشبهة مفهومية ، بأن يشكّ في شمول النافلة المشروعة للنافلة الرباعية. وإن كانت الشبهة المفهومية راجعة إلى الشكّ في الشرطية والجزئية ، بأن شكّ في اعتبار الاستعاذة أو التحنّك في الصلاة ، ولم يكن في البين اطلاق ، كان المرجع هو البراءة أو الاشتغال ، على الخلاف في مسألة الأقل والأكثر. وأمّا لو كانت الشبهة مصداقية فيجري فيها حكم الشكّ في تحقّق الجزء أو الشرط أو عدم
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢١٢ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].