حينئذ من جعل النهي كاشفا عن عدم ملاك الأمر ، أو عن مغلوبيته وعدم تماميته وهو الموجب للبطلان ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : الثالثة أنّ النهي عن العبادة لأمر آخر كجزئه ـ إلى قوله : ـ وجوابه أنّ الخصوصيات التي بها يتخصّص العبادة منها ما لا يكون موجبا لتنوّع العبادة بنوعين أو بصنفين ، بل يكون أمرا آخر موجبا لتشخّص العبادة كالنظر إلى الأجنبية وأمثالهما ، ومنها ما يكون موجبا لذلك ، وحينئذ فإذا تعلّق النهي بما هو متشخّص بمثل هذا التشخّص ... الخ (١).
الذي حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام هو : ثمّ إنّهم مثّلوا للقسم الأوّل من هذه المسألة ـ أعني ما يكون منهيا عنه من العبادة لنفسه لا لجزئه ولا لوصفه ـ بصلاة الحائض وبصوم يوم العيد. وقد أشكل على ذلك بأنّه أيضا لا يكون نوع العبادة فيه منهيا عنه ، بل يكون النهي متعلّقا بها لأجل الخصوصية اللاحقة لها ، أعني كونها في أيّام الحيض أو كون الصوم في يوم العيد ، فيكون ذلك من قبيل ما نهي عنه لجهة زائدة على حقيقة العبادة ، نظير النهي عن الصلاة في لباس الحرير. ويمكن الجواب عن ذلك بأنّ الخصوصية فيما ذكر من المثال لا تكون زائدة على النوع فهي في ذلك نظير خصوصية المكلّف في كونها غير موجبة لخصوصية زائدة في النوع ، بخلاف الخصوصية في مثل الصلاة في لباس الحرير.
قلت : والأولى أن يقال : إنّ الخصوصية اللاحقة للعبادة إذا كان الأمر بالنسبة إليها انحلاليا ، كما في صلاة كلّ يوم أو صوم كلّ يوم ، وورد النهي عن الصلاة أو الصوم في بعض الأيّام ، كان النهي متوجّها إلى نفس العبادة المأمور بها ، ويكون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢١٤ ـ ٢١٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].