أمّا السبب المجرّد فهو العقد نفسه ، فإنّه ربما توجّه النهي إليه باعتبار كونه في حدّ نفسه كلاما لفظيا ، مثل ما لو حرم عليه الكلام ، وهذا هو الذي ينبغي فيه أنّه لا يقتضي الفساد حتّى لو كان منحصرا. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ تحريم السبب المنحصر ملازم لسلب السلطنة على تلك المعاملة ، لكنّك قد عرفت أنّ ذلك أقصى ما فيه أن تكون المعاملة بما أنّها فعل من الأفعال غير مقدورة ، وذلك لا يوجب فسادها ، بل يكون الفساد الطارئ على المعاملة من ناحية كونها منهيا عنها منحصرا بما يرجع إلى سلب السلطنة على المال ، ولا يكفي فيه مجرّد كون المعاملة غير مقدورة شرعا ، فتأمّل.
قوله في الحاشية : فالتحقيق في هذا المقام أن يقال : إنّ هناك ثلاثة أمور ، أحدها : اعتبار الملكية ـ مثلا ـ القائم بمن بيده الاعتبار أعني به الشارع ، وثانيها : اعتبار الملكية القائم بالمتبايعين ـ مثلا ـ مع قطع النظر عن امضاء الشارع له وعدم امضائه ، وثالثها : إظهار المتبايعين في مفروض المثال اعتبارهما النفساني بمظهر خارجي من لفظ أو غيره ... الخ (١).
قد عرفت مرارا أن الملكية من الأمور الاعتبارية القابلة للجعل والايجاد في وعائها من الاعتبار ، وهذا الجعل والايجاد أو الانشاء إنّما يكون محتاجا إلى آلة ينشئ الجاعل بها ذلك الأمر الاعتباري فيتحقّق في وعائه من الاعتبار ، وتلك الآلة هي الانشاء العقدي أو الفعلي. أمّا ما تضمّنته الحاشية من كون الملكية قائمة في نفس الجاعل الذي هو الشارع ، أو في نفس المتبايعين ، وأنّ هذه الأحكام الشرعية أو هذه العقود الانشائية ليست إلاّ مظهرات لذلك الاعتبار النفساني القائم بنفس المعتبر ، فذلك ممّا لا وجه له ، وإلاّ لكان الانشاء إخبارا عن تلك الحالة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٢٦.