دخل له بما سيأتي من الامساك الذي يحتمل الضرر فيه ، فتأمّل.
أمّا ما في آخر الحاشية المزبورة (١) من قياس ما نحن فيه بالبراءة العقلية والاباحة الظاهرية ، ففيه ما لا يخفى ، لأنّ الاباحة الظاهرية حكم شرعي ظاهري ، وأين هو من مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان كي يقال إنّ المحرز بالأوّل هو المحرز بالثاني ، كي يكون من قبيل اللغوية ، أو من قبيل الاحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان.
وكان الأولى هو النقض بحديث الرفع (٢) في موارد جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بناء على أنّ المرفوع بحديث الرفع هو العقاب ، لكنّه ليس بوارد أيضا ، لأنّ الممنوع أو المحال إنّما هو الاحراز التعبّدي في مورد الاحراز الوجداني ، دون حكم الشرع بحكم واقعي مع فرض حكم العقل.
نعم ، في هذا التوجيه لحديث الرفع بأنّه لرفع العقاب إشكال آخر ، وهو أنّ رفع العقاب ليس بشرعي ، ولأجل ذلك نقول : إنّ حديث الرفع حينئذ لا يكون إلاّ اخبارا عن أمر واقعي عقلي ، وهو عدم استحقاق العقاب ، لا أنّه حكم تعبّدي. أو نقول كما حقّق في محلّه (٣) إنّه من قبيل الدفع لايجاب الاحتياط ، بمعنى أنّ الشارع لمّا كان يمكنه تحصيل مراده الواقعي في مورد الشكّ فيه بجعل وجوب الاحتياط ، كان حديث الرفع مسوقا لدفع ذلك الايجاب الاحتياطي ، بمعنى أنّ الشارع لم يجعل وجوب الاحتياط ، فراجع وتأمّل.
وينبغي أن يعلم أنّ الأصل في هذه الشبهة هو ما أفاده العلاّمة الخراساني قدسسره
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٣٧.
(٢) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.
(٣) راجع حاشية المصنّف قدسسره على فوائد الأصول ٣ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩ في المجلّد السابع.