نفسه أشياء خالف فيها الشارع المقدّس ، غير أنّه في هذه العبادة الخاصّة كصوم شهر رمضان وافق الشارع فيها ، بمعنى أنّه أيضا قال قد أوجبته ، ولكنّه أتى به بداعي ذلك الوجوب الذي جعله من قبل نفسه ، كان عمله المذكور فاسدا أيضا ، لأنّه لم يأت به بداعي الأمر الشرعي الذي يعلمه ، بل أتى به بداعي أمره الذي هو شرعه من قبل نفسه.
واعلم أنّ ثمرة هذه المسألة تظهر في العبادة التي لها إعادة وقضاء لو وقعت فاسدة ، واتّفق أنّ شخصا كان معتقدا لعدم وجوبها أو كان شاكّا في ذلك فبنى تشريعا منه على وجوبها ، وأتى بها بذلك الداعي ، ثمّ انكشف أنّها واجبة في الواقع.
والأقرب لتحقّق هذه الثمرة التمثيل بجزء من أجزاء الصلاة الركنية كالركوع مثلا ، فاعتقد أنّه غير واجب أو شكّ في وجوبه فشرّع وجوبه ، وأتى به بذلك الداعي ثمّ انكشف أنّه واجب ، فبناء على عدم كون التشريع في العبادة مفسدا لها تكون صلاته المذكورة صحيحة ، بخلاف ما لو قيل بأنّه مفسد لها تكون صلاته المذكورة فاسدة ، إذ لا أقل من فقدانها الجزء المذكور.
قوله : والحسن والقبح فيهما لو انتهى إلى وجوب آخر لدار أو تسلسل ... الخ (١).
وربما أمكن الجواب عن هذا التسلسل بأنّه لا مانع منه في مثل ذلك ، فإنّه إذا توقّف شيء على آخر والآخر على آخر فأقصى ما فيه هو أنّ حصول الشيء الأوّل محال ، وإذا كان هذا الموجود صادرا عن آخر وآخر عن آخر وهكذا فهو
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣٨ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].