من أوّل الخطّ لا ينافي ذهاب الباقي إلى غير النهاية. وبالجملة : أنّ كون مبدأ الخطّ محدودا لا ينافي كون آخره غير متناه ، وإن كان الخطّان غير محدودين مبدءا ونهاية فلا معنى للتنقيص من أحدهما.
ومنها : برهان تناهي ما بين الحاصرين ، كما لو قام أحد الخطّين على الآخر ، فإنّ الزاوية تتّسع بامتداد الضلعين ، فإذا فرضنا ذهابهما إلى غير النهاية كان ما بينهما غير متناه ، وهو محال لكونه بين حاصرين وهما الضلعان ، ولا يعقل عدم التناهي فيما هو محدود بين الحاصرين.
وفيه : أوّلا أنّه منقوض بما يدّعونه من تركّب الجسم ممّا لا يتناهى من الأجزاء ، بناء على استحالة التركّب من الأجزاء غير القابلة للقسمة ، وأنّ كلّ جزء منه لا بدّ أن يكون منقسما إلى جزءين ، فإنّه يلزم عدم التناهي في الأجزاء مع كونها بين حاصرين ، أعني الخطين المحيطين بالجسم.
وثانيا : أنّ عدم التناهي فيما بين الخطّين الحاصرين إنّما يلزم إذا وصل الخطّان إلى غير النهاية ، وهو خلف ، لفرض عدم تناهيهما ، فأي نقطة نفرض انتهاء الخطّين إليها فهي متناهية ، ولا بدّ أن يكون ما بينهما متناهيا أيضا ، ولا يعقل انتهاء الخطّين إلى غير النهاية كي يلزم أن يكون ما بينهما غير متناه ، كي يشكل عليه بأنّه بين حاصرين وأنّه لا يعقل عدم التناهي فيه.
ثمّ لا يخفى أنّ شيخنا قدسسره (١) استطرد أمورا هي غير دخيلة فيما يتوخّاه من استنتاج كون النهي التشريعي موجبا للفساد ، لكن من باب أنّ الشيء بالشيء يذكر والحديث ذو شجون تعرّض لهذه الأمور التي أشرنا إليها ، وهي تنحصر في جهات ثلاث :
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣٥ وما بعدها.