قوله : وتدخل الدلالة التضمّنية بهذا الاعتبار في الدلالة الالتزامية ، ولا تكون قسما آخر في قبالها ، إذ اللازم في الدلالة الالتزامية كون انفهام شيء لازما لانفهام الموضوع له ، كما في مثال العمى والبصر ، لاكون ما يفهم من اللفظ لازما للموضوع ... الخ (١).
لا يخفى أنّ ملاك الملازمة بين الدلالتين ـ أعني المطابقة والالتزام ـ هو كون المعنى في الثانية خارجا لازما للمعنى في الأوّل ، على وجه يكون تصوّر الأوّل موجبا لتصوّر الثاني. وهذا التفسير لا ينطبق على جزء المعنى ، لكونه داخلا فيه ، ولأجل كون الجزء داخلا في الكلّ يكون انفهامه في ضمن انفهام الكل ، كما أنّ إرادة المتكلّم له تكون في ضمن إرادته للكل ، فهي في ذلك نظير وجوب الجزء في ضمن وجوب الكلّ ، لا الوجوب المدّعى ترشّحه عليه من وجوب الكل ، أعني بذلك الوجوب الغيري.
ومن الواضح أنّ انفهام الجزء لو كان بطريق الالتزام لكان متأخرا رتبة عن انفهام الكل ، كتأخّر الوجوب الغيري عن الوجوب النفسي الطارئ على الكلّ ، وقد عرفت أنّه يكون انفهامه في ضمن انفهام الكلّ فيكون في رتبته ، إذ ليس هو انفهاما آخر متأخّرا عن انفهام الكل ، ولأجل ذلك نقول : إنّا لو قلنا إنّ مفاد الوجوب هو طلب الفعل مع المنع من الترك يكون دلالة الأمر الوجوبي على النهي عن الترك بالدلالة التضمّنية ، فتأمّل.
نعم ، إنّ المرحوم الشيخ محمّد علي قد نقل عنه قدسسره (٢) البرهان على إنكار الدلالة التضمّنية بما حاصله : أنّ المفهوم الذي هو المدرك العقلاني بسيط لا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٤٣ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].
(٢) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٧٦.