باللزوم بينهما متوقّفا على تصوّر اللازم أيضا ، ككون الكل أعظم من الجزء ، فإنّ هذا اللازم للكل ـ وهو كونه أعظم من الجزء ـ لا يكفي في الحكم بلزومه للكل مجرّد تصوّر الكل ، بل لا بدّ في ذلك من تصوّر الجزء ، بأن تتصوّر الكل وتتصوّر الجزء وبعد تصوّرك الطرفين تحكم حينئذ بأنّ الكل أعظم من الجزء. ويسمّى هذا النحو باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ، وتسمّى هذه القضية القائلة بأنّ الكل أعظم من الجزء بأنّها من القضايا التي قياساتها معها ، لكفاية تصوّر طرفيها في التصديق بها.
وربما كان الحكم باللزوم بينهما محتاجا إلى تصوّر النسبة بينهما مضافا إلى تصوّرهما ، فيكون الحكم باللزوم بينهما محتاجا إلى تصوّرات ثلاثة : تصوّر الملزوم وتصوّر اللازم وتصوّر النسبة بينهما ، مثل كون الاثنين ربع الثمانية ، فإنّ الحكم على الاثنين بأنّها ربع الثمانية يحتاج إلى تصوّر الاثنين وتصوّر الثمانية وتصوّر النسبة بينهما. والذي يظهر من التهذيب (١) أنّ هذا هو اللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ ، لكن الذي ذكره في الشمسية (٢) أنّ اللزوم بالمعنى الأعمّ هو السابق ، أعني ما توقّف الحكم به على تصوّر الطرفين فقط.
ثمّ إنّه ربما كان الحكم بالملازمة متوقّفا على جهات أخر زائدة على تصوّر الطرفين وتصوّر النسبة بينهما ، وهذا هو غير البيّن بالمعنى الأعمّ.
وعلى كلّ حال ، فالذي ينبغي أن يسمّى بالبيّن بالمعنى الأخصّ هو الذي يكفي في الحكم باللزوم فيه مجرّد تصوّر الملزوم ، فإنّ ما يكفي في الحكم باللزوم فيه مجرّد التصوّر الواحد الذي هو تصوّر الملزوم أخصّ ممّا يحتاج إلى
__________________
(١) الحاشية على تهذيب المنطق : ٤٦.
(٢) شرح الشمسية : ٤٤.