المعروض ، وأنّه لا ينفكّ عنه ـ بعد ثبوتها بأحد الطرق السابقة تكون موجبة للحكم بأنّه متى وجد الملزوم فقد وجد لازمه ، فيكون اللفظ الدالّ على وجود الملزوم دالا على وجود اللازم ، بمعنى أنّا بعد أن ثبت عندنا وجود الملزوم بذلك الدليل اللفظي أو بغيره من الأدلّة نحكم بأنّ اللازم موجود أيضا ، وهذا على حذو ما يقال من أنّ الأمارات حجّة في إثبات اللوازم.
وقد عرفت أنّ ذلك ليس من قبيل الدلالة اللفظية ، بل هو من قبيل الدلالة العقلية ، فإنّ اللفظ لا يدلّ إلاّ على وجود الملزوم ، ونحن نحكم بوجود اللازم بعد أن تحقّق عندنا وجود الملزوم ، ولا ريب أنّ الانتقال من وجود الملزوم إلى الحكم بوجود اللازم لا يكون إلاّ بحكم العقل ، فاللفظ الدالّ على وجوب ذي المقدّمة ، سواء كان إخبارا عن وجوبه أو كان انشاء لجعل وجوبه يكون عندنا موجبا لتحقّق وجوبه ، ونحن بعد أن تحقّق عندنا وجوبه نحكم بأنّ مقدّمته واجبة أيضا ، لأنّه قد ثبت عندنا من الخارج أنّ وجوب المقدّمة لازم لوجوب ذيها. وهكذا الحال في جميع ما هو من هذا القبيل ، حتّى ما نحن فيه من مفهوم القضية الشرطية الذي هو الانتفاء عند الانتفاء ، لأنّ القضية الشرطية بعد أن دلّت على أنّ علّة الحكم في ناحية الجزاء هو المقدّم ، وأنّه على نحو العلّة المنحصرة ، يتحقّق عندنا المفهوم الذي هو الانتفاء عند الانتفاء ، لأنّ هذا المعنى ـ أعني الانتفاء عند الانتفاء ـ لازم للانحصار المذكور ، نعم حيث إنّ هذه الملازمة يكفي في الحكم بها مجرّد تصوّر الملزوم الذي هو انحصار علّة الحكم بالمقدّم ، فلنا أن نقول : إنّ هذا اللزوم بيّن بالمعنى الأخصّ بذلك المعنى الذي ذكرناه ، لا بالمعنى الذي اصطلح عليه أهل المنطق ، واللفظ المذكور وهو القضية الشرعية وإن كانت لم تدلّ إلاّ على الملزوم ، لكن لمّا كان لزوم ذلك اللازم بيّنا واضحا ، فلنا أن نقول إنّ اللفظ