يدلّ عليه بنحو من المسامحة ، وإلاّ فإنّ هذه الدلالة عقلية صرفة.
تنبيه : ربما أشكل على ما ذكروه من كون مدرك الدلالة الالتزامية هو اللزوم الذهني البيّن بالمعنى الأخصّ ، الذي هو عبارة عن كون تصوّر الملزوم موجبا لتصوّر اللازم ، بما يكون لازما للوجود الذهني ، مثل الكلّية بالنسبة إلى الإنسان ، حيث إنّها إنّما تعرضه في الذهن ، لأنّه في الخارج لا يتّصف بالكلّية ، وإنّما يتّصف بها عند وجوده في الذهن. وهكذا في لازم الماهية مثل زوجية الأربعة ، فإنّها تعرّضها في الذهن أيضا كما في الخارج. وحينئذ يلزم أن نقول : إنّ دلالة الإنسان على الكلّية والأربعة على الزوجية دلالة التزامية ، لأنّ وجود الإنسان في الذهن يلازم وجود كلّيته في الذهن ، وكذلك وجود الأربعة في الذهن يكون ملازما لوجود زوجيتها في الذهن ، فيكون مثل العمى بالنسبة إلى البصر ، حيث إنّ وجوده في الذهن يلازم وجود البصر في الذهن ، فينبغي أن تكون دلالة الإنسان على كونه كلّيا ودلالة الأربعة على كونها زوجا دلالة التزامية ، مع أنّ الملازمة بينهما ليست من قبيل البيّن بالمعنى الأخصّ ، بل هي من قبيل البيّن بالمعنى الأعمّ.
والجواب عن هذا الإشكال هو أن يقال : إنّ وجود الإنسان في الذهن وإن كان يلزمه اتّصافه بالكلّية ، وهكذا وجود الأربعة في الذهن وإن لازم اتّصافها بالزوجية في الذهن ، إلاّ أنّ ذلك ليس من قبيل البيّن بالمعنى الأخصّ ، إذ لا يكون تصوّر الإنسان موجبا لتصوّر الكلّية كما أنّ تصوّر العمى موجب لتصوّر البصر ، بل أقصى ما في البين هو أنّ الكلّية تعرضه عند وجوده في الذهن ، وهذا أمر آخر غير أنّ نفس تصوّر الإنسان يوجب تصوّر الكلّية ، إذ ربما نتصوّر الإنسان ونغفل عن كونه كلّيا.
وبالجملة : أنّ كون الكلّية لازمة له عند وجوده في الذهن الذي هو ملاك