الرابعة : أنّ جعل الملاك في الدلالة الالتزامية هو اللزوم المذكور يوجب عدم انحصار الدلالة الالتزامية فيه ، بل ينبغي تسريتها إلى مطلق اللزوم الذهني ، فتأمّل.
قال أستاذنا المحقّق المرحوم آغا ضياء الدين العراقي قدسسره فيما حرّرته عن درسه في هذا المقام ما هذا لفظه : إنّ الملازمة تارة تكون بعيدة جدّا ، بحيث إنّه لا ينتقل الذهن من الملزوم فيها إلى اللازم إلاّ بعد بيان ملاك الملازمة وبرهانها ، وليسمّ باللزوم غير البيّن. وتارة تكون أظهر من ذلك ، بحيث لا يحتاج الانتقال المذكور إلى أزيد من الالتفات إلى نفس الملازمة تفصيلا ، وليسمّ باللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ. وثالثة تكون أظهر من هذا أيضا ، بحيث لا يحتاج في الانتقال المذكور إلى الالتفات إلى الملازمة تفصيلا ، لكونها ملتفتا إليها إجمالا حيث إنّها ارتكازية ، وليسمّ ذلك بالبين بالمعنى الأخصّ. والمراد بالملازمة في الدلالة اللفظية الالتزامية هو هذا الأخير ، أمّا إذا كانت الملازمة على أحد النحوين الأوّلين فلا تكون الدلالة على اللازم فيه من قبيل الدلالة اللفظية ، وإن كانت حجّة متّبعة عند العقلاء ، وهي مدار المطالب العلمية. ولا يخفى أنّ المفهوم حيث يدّعى فهو من قبيل القسم الأخير ، أعني ما كان لزومه للمنطوق من قبيل البيّن بالمعنى الأخصّ ، انتهى ما حرّرته عن درسه قدسسره.
وقال هو قدسسره في مقالته المطبوعة ما هذا نصّه : مقالة في المفهوم والمنطوق ، وعرّفوهما بما دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق أو في محلّه. ولكن لا يخفى ما فيه من أنّ هذا البيان في المفهوم يشمل مطلق المداليل الالتزامية حتّى غير البيّنة منها بالمعنى الأعمّ ، ولازمه كون المنطوق منحصرا بالدلالة المطابقية والتضمّنية لأنّها