قوله : وعلى أن يكون من باب ترتّب المعلول على علّته ، لا على نحو ترتّب العلّة على المعلول أو ترتّب أحد المتلازمين على الآخر كما في البرهان الإنّي ، فإنّ غاية ما يقتضيه البرهان الإنّي هو كون تحقّق المقدّم مستلزما لتحقّق التالي حتّى يترتّب انكشاف التالي على انكشاف المقدّم ، ولا يكون فيه دلالة على امتناع وجود التالي من دون المقدّم ، فلا يكون فيه دلالة على المفهوم قطعا (١).
توضيح هذه الجمل يتوقّف على ذكر مصطلحات لأهل المنطق ذكروها في قسم التصديقات ، فاللازم ذكر تلك المصطلحات ، وينحصر بيان ذلك في أمور ثلاثة :
الأوّل : أنّ صاحب التهذيب قال : ثمّ إن كان الأوسط مع علّيته للنسبة في الذهن علّة لها في الواقع فلمّي ( يعني فالقياس لمّي ) وإلاّ فإنّي (٢) ، يعني أنّ الوسط المتكرّر في الشكل القياسي ، الذي هو علّة لانتقال الذهن إلى التصديق بالنسبة الواقعة في النتيجة ، إن كان في الواقع علّة لتلك النسبة كان ذلك الاستدلال القياسي لمّيا ، وإن لم يكن علّة لها في الواقع كان الاستدلال القياسي إنّيا ، وهو منحصر في ثلاثة : كون الوسط معلولا لتلك النسبة ، وكونهما معا معلولين لعلّة ثالثة ، وكونهما متضايفين مثل قولك : زيد أب وكلّ أب له ابن فزيد له ابن.
ولا يخفى أنّ الانتقال من أحد المعلولين إلى المعلول الآخر يشتمل على الانتقال أوّلا من المعلول الأوّل إلى علّتهما ، وعلى الانتقال ثانيا من وجود العلّة لهما إلى وجود المعلول الثاني ، فهو يشتمل على الانتقال من المعلول إلى العلّة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٤٨ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) الحاشية على تهذيب المنطق : ١١٢.