أولى ، لأنّ انتفاء المعلول يلزمه انتفاء العلّة ، سواء كانت العلّة منحصرة أو كانت غير منحصرة. مضافا إلى أنّ المعلول الذي لا تكون علّته منحصرة بالتالي لا يصحّ جعله مقدّما ، إذ لا يصحّ لك أن تقول إن طهر ثوبك فقد رمسته في الماء الكثير ، إذ ليس الرمس بالماء الكثير لازما لطهارة الثوب ، لجواز حصول طهارته بالغسل بالماء القليل ، وإنّما يصحّ جعل المعلول مقدما في خصوص ما لو كان التالي الذي هو علّته من قبيل العلّة المنحصرة ، فلما ذا نقول إنّ المفهوم يتوقّف على كون المقدم علّة للتالي ، ولا يتأتّى فيما لو كان الأمر بالعكس أو كانا متضايفين.
أمّا ما أفاده في الجواب عن هذا السؤال في هذه العبارة الموجودة في هذه الطبعة الأولى (١) ، وكذلك ما أفاده وأوضحه في العبارة الموجودة في الطبعة الجديدة بقوله : ضرورة أنّ وجود المعلول ( الذي أخذناه مقدما ) وإن كان يكشف عن وجود علّته التامّة بجميع أجزائها وعن جميع ما يترتّب عليه ، إلاّ أنّ عدم المعلول لا يكشف عن عدم ذات العلّة ، لجواز استناده إلى وجود المانع ، مثلا وجود ممكن ما يكشف عن وجود الواجب بالذات ، لاستحالة وجود الممكن بنفسه. وأمّا عدمه فلا يكشف عن عدم الواجب ولا عن عدم ممكن آخر ، لجواز استناده إلى أمر يخصّه ولا يعمّ غيره ، وعلى ذلك فالقضية الشرطية التي لا يكون ترتّب التالي على المقدّم فيها من قبيل ترتّب المعلول على علّته لا يكون فيها دلالة على المفهوم قطعا ، انتهى (٢).
ففيه تأمّل ، أمّا أوّلا : فلأنّا لو فتحنا هذا الباب ـ أعني أنّ عدم المعلول لا يكشف عن عدم علّته ، لجواز وجود العلّة مع المانع من وجود المعلول ـ لانسدّ
__________________
(١) [ وهي العبارة المتقدّمة أوّل الحاشية ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.