أصل وجود ذلك الجزء. وما أشبه هذه المغالطة بالمغالطة في قولك : كلّما وجدت الثلاثة فقد وجدت الاثنان ، وكلّما وجدت الاثنان كانت زوجا ، لتكون النتيجة أنّه كلّما وجدت الثلاثة كانت زوجا.
وحاصل المراد : هو أنّه عند كون العلّة بسيطة لا ريب في أنّ وجودها كاشف عن وجود المعلول ، وعدمها كاشف عن عدمه ، سواء جعلنا المقدم هو العلّة أو جعلناه هو المعلول. أمّا لو كان العلّة مركّبة من أربعة أجزاء مثلا فالعلّة إنّما هو اجتماع تلك الأجزاء الأربعة ، فيكون اجتماعها كاشفا عن وجود المعلول ، وعدم اجتماعها كاشفا عن عدم وجوده. كما أنّ وجود ذلك المعلول يكشف عن اجتماعها ، وعدم وجوده لا يكشف إلاّ عن عدم اجتماعها. وحينئذ يصحّ لنا أن نقول بتمامية المفهوم فيما لو كان ذلك المعلول هو المقدّم ، لأنّ عدمه يكشف عن عدم علّته وهو اجتماع تلك الأربعة ، ولا يتوقّف صحّة مفهوم تلك القضية على كون عدم ذلك المقدم كاشفا عن عدم وجود ذات الجزء الأوّل من علّته المزبورة.
فالذي تلخّص : أنّ ثبوت المفهوم للقضية الشرطية لا يتوقّف على كون المقدّم علّة ، بل إنّه لو ثبت كون المقدم علّة يتوقّف ثبوت المفهوم على ثبوت انحصار تلك العلّة ، أمّا إذا كان الشرط معلولا فلا يتوقّف ثبوت المفهوم فيه على شيء ، كما لو قلنا إنّه إن وجبت المقدمة الفلانية فقد وجب ذوها ، فإنّ مفهومه واضح ، وهو أنّه إن لم تكن تلك المقدّمة واجبة لم يكن ذوها واجبا ، انتقالا من عدم المعلول إلى عدم علّته.
وهكذا الحال في المتضايفين لو تصوّرناه في القضايا الأحكامية ، بأن ندّعي أنّ الطلب الالزامي إضافة بين الفعل وتركه ، فبالاضافة إلى الفعل يكون إيجابا ، وبالاضافة إلى الترك يكون تحريما ، فنقول إن وجب الفعل الفلاني فقد حرم