تركه ، ومفهومه أنّه إن لم يجب لم يحرم تركه ، بل في المعلولين لعلّة ثالثة لو تصوّرناه في الأحكام كما سيأتي (١) في رواية معاوية بن وهب من قوله عليهالسلام « إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت » (٢) فإنّ كلا من التقصير والافطار معلول لعلّة واحدة وهي السفر. وكما في مقدّمتين لفعل واحد مثل الوضوء وتطهير البدن للصلاة ، فنقول حينئذ إن وجب الوضوء مقدمة للصلاة فقد وجب تطهير البدن ، ومفهومه أنّه إن لم يجب الوضوء فلا يجب التطهير المذكور. نعم هذا يحتاج إلى إثبات انحصار مورد وجوب التطهير بمورد وجوب الوضوء ، كما في صورة كون المقدم علّة للتالي ، ويمكننا إثبات ذلك من الطرق التي بها أثبتنا الانحصار في ذلك.
والسرّ في ذلك هو ما عرفت من أنّ مثل هذه القضايا ينحل إلى قضيتين ، مثلما قلنا (٣) في كون الاستدلال به ينحل إلى استدلالين ، فنقول إنّ محصّل القضية الأولى هو أنّه إن وجب الوضوء غيريا للصلاة فقد تحقّقت علّته وهي وجوب الصلاة ، وإن تحقّقت علّته المذكورة تحقّق المعلول الآخر وهو وجوب التطهير ، فيكون حاصل القضية الثانية أنّه إن وجبت الصلاة فقد وجب التطهّر.
وهذه القضية الثانية وإن أمكن فيها كون التالي أعمّ ، لامكان وجوب التطهير للثوب بعلّة أخرى هي وجوب الطواف مثلا ، فتكون هذه القضية داخلة فيما يكون المقدم فيها علّة للجزاء ، فيتوقّف ثبوت المفهوم فيها على ثبوت الانحصار. ويمكننا إثبات الانحصار من القضية الأولى اللفظية وهي قولنا إن
__________________
(١) في الفائدة المذكورة في الصفحة : ٤٠٨.
(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٥٠٣ / أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ١٧.
(٣) في الصفحة : ٣٩٠.