الأمر لأجل تنقيح كونهما من باب العموم من وجه نقول : إنّ الأمر تعلّق بالشرب سواء كان مصداقا لأكل مال الناس أو لا ، والنهي تعلّق بأكل مال الناس سواء كان بالشرب أو كان بالأكل أو كان بالتملّك والتصرّف واستيفاء المنفعة.
وإن شئت فقل : إنّ هذا المثال أعني وجوب شرب الماء سواء كان مباحا أو كان مال الغير مع حرمة أكل مال الغير سواء كان ماء أو كان غير ماء ، هو عين ما تقدّم من وجوب اكرام العالم الشامل للفاسق والعادل وحرمة اكرام الفاسق الشامل للعالم وغيره.
ومن ذلك كلّه يعلم الحال في الشرب أو الوضوء من الاناء المغصوب أو آنية الذهب ، فإنّ المنهي عنه ليس هو نفس الشرب أو الوضوء ، بل هو جهة تعلّقه بذلك الاناء ، وقد عبّر شيخنا قدسسره عن ذلك التعلّق بكونه متمّما للمقولة. وعلى أي حال يكون المنهي عنه غير نفس المأمور به ، ويكون تركّبهما انضماميا كما سيأتي إن شاء الله تعالى توضيحه في المقدّمة التاسعة (١).
نعم ، يبقى الإشكال في الوضوء أو الغسل في الماء المغصوب وهل هو من قبيل مسألة الاجتماع لكون التركّب فيه انضماميا ، أو هو خارج عن ذلك لكون التركّب فيه اتّحاديا؟ لا يبعد القول بأنّ حقيقة الوضوء والغسل هي مجرّد امرار الماء على البشرة ، فليست هي بنفسها إعداما للماء كما في مثل الشرب وإن كان ربما توقّفت على ذلك ، لكنّه أعني إعدام الماء ليس بداخل في حقيقتها ، فلم يبق إلاّ كون ذلك الوضوء تصرّفا في الماء المغصوب.
وحيث قد عرفت أنّ الوضوء ليس هو بنفسه إلاّ إمرار الماء على البشرة ، وإن شئت فقل : إنّه عبارة عن غسل البشرة وهذه الجهة هي المأمور بها ، وكونه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٤٨ ـ ١٤٩.