الانحصار محتاجا إلى ذلك ، ليكون ما نحن فيه من قبيل الاستدلال بالاطلاق على إرادة أحد نوعي المطلق الذي لا يحتاج إلى مئونة زائدة ، ليكون نظير الواجب التعييني في قبال الواجب التخييري. فالأولى تقريب التمسّك بالاطلاق على الانحصار بنحو آخر يكون من باب التمسّك بالمطلق على إرادة المطلق ، أعني بذلك اطلاق نفس التقييد وشموله لما إذا وجد الطرف الآخر الذي يحتمل قيامه مقام القيد المذكور في الشرط ، فإنّ مقتضى اطلاق كون الشرط قيدا هو كونه قيدا بقول مطلق حتّى عند وجود ذلك الطرف الآخر ، فإذا فرضنا أنّ ذلك الشرط يكون قيدا في ذلك الحكم حتّى في حال وجود طرفه المذكور ، كان محصّل ذلك هو أنّ ذلك الطرف لا يقوم مقامه ، وذلك هو عين الانتفاء عند انتفاء القيد المذكور ، الذي هو عبارة عن الانحصار.
والحاصل : أنّ طبع التقييد يقتضي تضييق الدائرة الذي هو عبارة عن الانتفاء عند الانتفاء ، ولكن نشكّ أنّه عند انتفاء ذلك القيد ووجود الطرف الآخر المحتمل القيدية والقيام مقام ذلك القيد المذكور في ناحية الشرط ، هل يكون الحكم المذكور في ناحية الجزاء باقيا على ما هو عليه من كونه مقيّدا بذلك القيد المذكور في ناحية الشرط ، أو أنّ تقيّده به مختصّ بما إذا لم يوجد ذلك الطرف الآخر ، فإذا أثبتنا بمقتضى إطلاق التقييد أنّ ذلك الشرط قيد في ذلك الحكم حتّى في حالة وجود ذلك الطرف الآخر ، كان محصّله أنّه في ذلك الحال أيضا يكون الحكم المذكور مضيّق الدائرة بوجود الشرط ، وأنّه ينعدم عند انعدامه ، ويكون محصّله أنّ الحكم في ذلك الحال ـ أعني حال وجود الطرف الآخر ـ يكون منعدما عند انعدام الشرط ، وهو معنى المفهوم ، وهو معنى كون الشرط قيدا منحصرا.
وإن شئت فقايس ما نحن فيه من قيود الحكم الذي هو الوجوب مثلا بقيود