الحكم لا شخصه ، إذ لو كان الشرط منحصرا ولكن لم يكن المشروط هو طبيعة الحكم بل كان شخصه ، لم يكن انتفاء الشرط المنحصر موجبا لانتفاء كلّي الحكم ، وإنّما أقصى ما فيه أنّه يوجب انتفاء الشخص ، وليس ذلك من المفهوم في شيء. ولو كان الأمر بالعكس بأن كان المعلّق هو السنخ ، ولكن كان الشرط غير منحصر ، لم يكن انتفاؤه موجبا لانتفاء السنخ.
ولشيخنا الأستاذ المحقّق الآغا ضياء الدين العراقي قدسسره في هذا المقام تحقيق مفصّل كما حرّرته عنه في الدرس ، وحرّره هو قدسسره في مقالته المطبوعة (١) يتلخّص في أمور ثلاثة :
الأوّل : أنّ انحصار الشرط أمر مفروغ منه حتّى عند القائلين بعدم المفهوم ولأجل ذلك نراهم يحكمون بالتعارض بين مثل أكرم زيدا إن جاءك وأكرم زيدا بقول مطلق ، ويحملون الثاني على الأوّل بشرط استفادة وحدة الحكم ، فإنّ قولهم إنّه لو استفيد منه وحدة الحكم يحصل التعارض مع أنّهم لا يقولون بالمفهوم كاشف عن أنّهم لا يفهمون من مثل ذلك كون المعلّق السنخ ، فقالوا بعدم المفهوم أعني انتفاء سنخ الحكم عند انتفاء الشرط ، وحينئذ يكون التعارض مستندا إلى أنّ الشرط منحصر ، وأن شخص ذلك الحكم الواحد ينتفي عند انتفاء الشرط ، كما هو مفاد القضية الأولى ، فيكون مفاده منافيا لثبوته مع عدم الشرط ، كما هو مقتضى اطلاق القضية الثانية (٢) ، فيقع التعارض بينهما ، وعلاج هذا التعارض الجمع الدلالي بحمل المطلق على المقيّد.
الثاني : أنّ إثبات الانحصار في الشرط يحصل بظهور الجملة في أنّ
__________________
(١) مقالات الأصول ١ : ٣٩٦ وما بعدها.
(٢) [ في الأصل : الأولى ، والصحيح ما أثبتناه ].